التربية السودانية تعاني جفاف العاطفة ، رائحة الخوف من سنة أولى شهقة هنالك صور ومواقف تبقى عالقة في الوجدان مهما مرت بنا السنين وتحولات الحياة في مختلف مراحلنا الحياتية .. ومنذ نعمومة أظافرنا يتوالد لدينا شعور الرغبة في هذه الحياة والانتعاش بها ، وفي مختلف مراحل التعليم يتطور فكر الإنسان تدريجياً وتتبلور أفكاره رغبة ً في الحياة , إلا أن هنالك عوامل تسهم بشكل واضح في إحباط المرء وتصب مجملها في شكل التربية , حيث ينشأ الطفل على ثقافة الخوف منذ نعومة أظافره من البيت والمجتمع المحيط به . ولا نريد أن نجحد فضل آبائنا وأمهاتنا, وأهلنا , وجيراننا , ومعلمينا لقد سهروا الليالي وضحوا كثيراً ، فتعذبوا وتحملوا مر الحياة من أجلنا ولكن ( ربونا غلط ) لأن تربيتهم كانت بذات الطريقة المتوارثة جيلاً بعد جيل في بلادي المنكوبة بالرجعية والتقليدية وان شهدت بعض من رحيق التطور . تربيتنا السودانية في عمومها صارمة وجافة جداً لا ينقصها الحب بل ينقصها التعبير عنه , ينقصها الإحساس به حياً , و الضحك والمؤآنسة لا تجوز في كثير من الأسر او معدومة, تربيتنا تقتل فينا التوازن العاطفي, نشكو الهوة بيننا وآبائنا واخواننا وننتج ذات الهوة بيننا وأبنائنا . نشتكي من الجفاف الذي نحياه ونعيد تطبيقه وتثبيته مرة أخرى في بيوتنا مع زوجاتنا وأزواجنا.. و لايحق للزوجة الحصول على إعتذار رحيم و حضن حنون أمام أبنائها إذا الزوج اخطأ في حقها . تكبت المشاعر خجلاً كان أم عبطا لا ادري وبالتالي لا يحق للأبناء الشعور بأن هناك عاطفة جميلة تزين البيت الذي يقطنون، وهذا الجفاف يوما ما .. يورث الخاطر المكسور بالحرمان تشوهات صعب أن يجملها المستقبل لانهم لا يهتمون بمشاكل أبنائهم الخاصة ويجدون لهم الحلول وبعيدون تماما من أدق تفاصيلهم ولا يشركون في جلسة غارقة في المودة تشعرهم بأنهم جزء من هذا الفرح الجميل، يتركونهم للتكنولوجيا تفعل بهم ما تشاء دون رقيب. و يلاحظ أن الصوت العالي في التربية هو سيد الموقف و الكرباج هو الفاصل في كثير من التصرفات البريئة , بعنف دون أن نعي بأن هذا الوليد قدراته العقلية والعاطفية أصغر بكثير من هذا الكم الهائل من الرعب والإرهاب الذي لا يحتمله ،بل حتى في المداعبات واللعب مع الأطفال لا نجيد فنونها وعلى سبيل المثال تربينا سابقا على أنغام أحاجي ( ود دودو – ود امبعلو - البعاتي - أوخ .... بالله دي أسامي عليكم الله ) والطفل ألفت مسامعه من فرط تكرار ألفاظ (يا سجم الرماد والليلة بكتلك يا فقر يا نقر يا كريه يا قبيح يا سنيح يا لديح ...، ) وهذا الكم الهائل من متلازمة السجم. أما بالنسبة لبرامج الأطفال فكثير منها نجدها عقيمة جدا ً وتفتقد للتثقيف المتطور والرسالة التربوية الصحيحة ،وحقيقي بتعلم أولادنا ( العواره ) لأنو الحبكة الدرامية مكدسة بتفاصيل من عبط التقديم . والاستخفاف بعقول الأطفال الذين يتابعون ارقي البرامج العربية اسبيس تون - طيور الجنة وغيرها - فلا يعقل ان تشدهم هذه البرامج غير المواكبة لمقدراتهم وانفتاح عقولهم في عصر العولمة .. ونشتكي من الاستلاب الثقافي !! كيف لا يستلب الطفل ( وهو ما لاقي ضالتو في هويتو(! وكل هذا يكون خصماً على ثقة الطفل بنفسه مما يولد بداخله عقدة نفسية ترافقه طيلة حياته وتؤثر حتى في تعاملاته وسلوكه الخاص والعام.