شمبات من أشهر الأحياء التاريخية في مدينة الخرطوم بحري، وهي من أعرقها كذلك، وهي أيضاً اشتهرت بنشاط مثقفيها وحب أبنائها لها لدرجة كبيرة.. وحباها الله بموقع جغرافي جعلها قبلة للشعراء والفنانين ومحبي الخضرة والجمال.. كل هذا أثمر فئة من السكان محبة ومثقفة وواعية ورائدة في مجالات شتى، وحين كانت بلادنا تكابد في مجال الإعلام وتشكو الولايات من قلته، اجترح أبناء شمبات دورية إعلامية أسمها النيمة قبل عشرات السنين، أستظل بظلها أبناء شمبات عرفتهم بأنفسهم وتاريخهم وجمعت بينهم وليس أدل على نجاحها من استمرارها في الصدور منذ ذلك الحين. النيمة ليست منشور دوري يصدر باستمرار ولكنها إعلام تنموي متكامل الأركان يسعى عبر الصفحات، وينشر ثقافة الخير والتكافل دون إقصاء، شحذاً للهمم وتفجيراً للطاقات الإيجابية خدمة لحيهم العزيز. هذا الكلام لا نسوقه مجاملة لأحد، ولكنه حق مستحق، وقد قادت النيمة مبادرات مجتمعية كثيرة وأثرت الحراك الثقافي والاجتماعي في المنطقة، ولعل المبادرة الأخيرة التي شهدتها شمبات مطلع الاسبوع تدل على مدى الدور الفاعل والمؤثر، الذي يمكن أن يلعبه الإعلام عندما يولي قضايا مجتمعه الاهتمام المستحق. عندما كانت الأحياء تضج بالشكوى من الخريف وآثاره وفيضان النيل وماترتب عليه من ابتلاءات لم يصرخ (الشمباتيون) ويستغيثوا بالجهات الرسمية ولم ينتظروها، بل قادت النيمة ومجتمع شمبات حملة ضخمة لإيواء وإطعام وإغاثة أهلهم والعاملين في المزارع الذين غمرت مياه الفيضان أماكنهم، كانوا نِعم الرجال ساعة الشدة، ولم يعزلوا أحداً بل دعوا أركان الولاية والمسؤولين ليقدموا لهم أنموذجاً رائعاً لدور الإنسان في تنمية وحماية مجتمعه وفق مورث سوداني أصيل، تتمنى كل حكومات العالم أن يكون ديدنا للسكان فهم شركاء في كل شيء، ولا يكتفون ساعة الشدة بالصراخ ويك عنترة أقدم. التحية لأهل شمبات ولهذه النيمة الإعلامية السامقة التي أعطتنا كإعلاميين مبادرة متميزة عن دور الإنسان في بناء مجتمعه وتطويره وحمايته، دون انتظار لمساعدات وجهد قد يتأخر كثيراً وقد لا يأتي وياعزيزي المواطن ماحك جلدك مثل ظفرك فتوكلوا على الله، وننتظر من الدولة أن تقوم بواجبها دعماً لمثل هذه المبادرات القيمة.