٭ عندما ذهبنا إلى جوبا مع الرئيس البشير وبالتحديد قبل سنتين وجدنا استقبالاً غير عادي داخل القصر الرئاسي. ٭ أحد حراس الرئيس سلفاكير انخرط في موجة بكاء طويلة سألنا عنه قالوا إن الرجل ضمن الحرس الجمهوري لم ينسَ ذكرياته في الخرطوم. ٭ في أحد الصوالين بالقصر دخل علينا الدكتور رياك مشار وكان وقتها يبدو سعيداً بالدولة الجديدة و (المنصب) يرتدي زيّاً تقليدياً ويحمل عصا أبنوس يلوّح بها ذات اليمين وذات الشمال كما يفعل (ناس) المؤتمر الوطني. ٭ الرجل سلّم علينا بحرارة.. قال لي (آخر لحظة) ماشة كويس.. سألنا بانشراح الخرطوم كيف؟ الناس عاملة كيف؟ وكيف الجرائد؟ والسهم بي كم؟ داير لي أسهم في جريدة!! ٭ ضحكنا كما لم نضحك من قبل ذهبنا جميعاً للغداء المقام على شرف الرئيس وأكلنا كما نأكل في الخرطوم الداير كسرة لقاها!! والداير ملوخية كانت أمامه!! ٭ الآن رياك مشار في الخرطوم وفي وضع خاص وحالة استثنائية! ٭ وأمس كان هنا تعبان دينق وفي وضع خاص وحالة استثنائية!! ٭ الخرطوم استقبلت (تعبان) دينق بحفاوة وجاءت الزيارة بنتائج كبيرة وهائلة وغير متوقعة ومفيدة إذا وجدت طريقها للتطبيق والتنفيذ!! ٭ الآن الخرطوم استقبلت رياك مشار والذي جاءها قادماً من الكونغو والتي وصلها بعد رحلة طويلة وشاقة استغرقت (54) يوماً ولكنها تركت في الجسد الذي انهكته المعارك والحروبات والضغط والسكري جروحاً وندوباً أبى د.مشار إلا أن يعالجها في الخرطوم التي يعرفها جيداً!! ٭ هل الأمر صدفة؟ أم تخطيط الاختيار وموافقة الحكومة على الاستقبال وتزامن كل ذلك مع وجود تعبان دينق غريم (رياك) والرجل الذي جلس بدلاً عنه في (الكرسي الخطير)! ٭ ليس مهماً إن كان الأمر صدفة! أو غير ذلك، ولكن المهم قوله هنا إن الخرطوم ما عندها (طريقة) غير أن تتعامل مع الإخوة في الجنوب بسياسة الأمر الواقع!! ٭ فالأمم المتحدة نقلته بطائرة لكنشاسا والأخيرة أحسنت استقباله والخرطوم ليست أقل من الآخرين فالرجل مواطن سوداني سابق وتولى منصباً دستورياً رفيعاً في الدولة السودانية ولا زال يعتبر من أميز وأذكى خريجي كلية الهندسة جامعة الخرطوم إضافة لخصوصية العلاقة بين البلدين. كلها عوامل تجعل الخرطوم في حالة (ارتياح) يعززها تفهم دولة الجنوب للخطوة خصوصاً والحكومة أحسنت صنعاً بإخطارها مسبقاً. ٭ الخطوة في حد ذاتها ستؤسس لطريقة راسخة في التعامل مع الجنوبيين على حد سواء دون النظر أو التدخل في خلافاتهم الداخلية. ٭ ولعمري إنها حكمة يجب أن نعض عليها بالنواجذ وستصب إيجاباً في مصلحة العلاقات بين (شعب واحد) انقسم في دولتين!!