من المقولات المشهورة (إذا كنا نعرف عدونا حقاً فمن الواجب أن لا نعرفه فقط لنفسد خططه وإنما أحياناً لنتعلم منه). ومن أقوال عمرو بن العاص: (ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكن الذي يعرف أخف الشرين). من مميزات النظام الغربي أنه نظام ذكي جداً وبارع تماماً للاستفادة من أخطائه وأخطاء عملائه وتصحيحها لهم، وهذا ما حدث في مفاوضات أديس أبابا أو ما عرف بخارطة الطريق التي كسبت نقاطها في الجولة قبل الأخيرة الحكومة بتوقيعها على خارطة الطريق وإحراج المعارضة والحركات المسلحة بعدم توقيعهم عليها. لم يكن الضغط الأمريكي على الحركات المسلحة والمعارضة للتوقيع على خارطة الطريق إلا لتصحيح كسب الحكومة وسبقها، كيف يتم ذلك؟.. بإخراج مسرحية الضغط وإفشال المباحثات في جولة جديدة، من يقوم بالدور الأول في ذلك (البطل) أكثر المعارضين دهاء سياسياً، فكان اختيار ياسر عرمان ليقوم بذلك الدور. ما هي الرسالة؟.. ما قاله عرمان: (إن الحكومة تستخدم سلاح الإغاثة في الحرب ضد مواطنيها). هل فات على الحكومة قراءة الواقع السياسي جيداً من خلال معارضة الحزب الشيوعي وهو الأقرب للحركة الشعبية وظل يرفض المشاركة في الحوار ويدعو إلى إسقاط النظام وفتح الطريق أمام التحول الديمقراطي. لاحقاً ذكر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي عثمان صالح في حواره (بالانتباهة عدد 3672، 16/8/2016م) عند سؤاله ما هي القوى التي تمثل السودان، فأجاب (الناس الما مشوا للحوار) بأديس أبابا. نعم صدق في ذلك الشعب لم يذهب إلى أديس أبابا، من ذهبوا إلى أديس لم يطرحوا أفكاراً وبرامج للمصالحة يسندها الشعب ويقف خلفها. الذي يحكم ويفاوض ليس هو الشعب، إنما هي الأفكار والبرامج التي تراود الشعب. الحزب الشيوعي الرافض برنامجه المعلن إسقاط النظام، الاتحادي الديمقراطي الأصل الشريك، برنامجه الإصلاح السياسي والاقتصادي من الداخل وهو طرح مولانا الحسن الميرغني الذي نأى عن ما يدور بأديس أبابا يقال إنه تنبأ بفشل المباحثات. ما هي برامج الحركات المسلحة، لا شيء يذكر، ما هي برامج حزب الأمة القومي (الديمقراطية، المؤتمر الدستوري) ماذا بعد، ما هو برنامج المؤتمر الوطني لترضيتهم...؟ إحلال السلام في السودان ليس مسألة طبق ذهب أو زعامة تقدم من الشعب لكل من يحمل السلاح أو يعارض حتى لو كان النظام غير مقبول للشعب. السياسة أصبحت مسألة علمية لا يقوم بها أفراد والتفكير فيها لا يقوم به شخص أو مكتب، إنما أجهزة مختصة ومراكز دراسات تحسب إلى أبعد مدى. نعم أمريكا تصنع الأحداث وهي الممول معنوياً ومادياً وتملك مفاتيح الحل إذا وجدت رؤية سياسية موحدة من الداخل متفق عليها يرضى عنها الشعب ولا تتعارض مع إستراتيجياتها. النظرة الوطنية وبرنامج التحول الوطني هما المخرج. ملخص ما دار في أديس أبابا في الجولة الأخيرة ما ذكره صالح عثمان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للإنتباهة (لم نشارك، خريطة الطريق بداية جديدة لم تحدد المخرجات ولا الضمانات والضامنين). إبراهيم محمود رئيس الوفد الحكومي (الحركة الشعبية لا تهمهم معاناة المواطنين في المنتطقتين أو السودان، إنما فقط أن يستمر البزنس). (الأنتباهة 16 أغسطس عدد 3672). ياسر عرمان هل ما يطلبه هو هدنة (بلغة الحرب)، ماذا يريد؟.. هدم المعبد على الجميع (عليّ وعلى أصدقائي وحلفائي). ختام ذلك ما ذكره الصحفي فضل رابح بالإنتباهة عدد 3672 تاريخ 16 أغسطس 2016م. (بمجرد إعلان الوساطة تأجيل المفاوضات دور أمبيكي في الجولات) سارع معظم قادة المعارضة بعمل (قيت أوت) للفندق وأخرجوا أمتعتهم وغادروا أثيوبيا بعد تأكيد حجوزاتهم). نعم تحقق الهدف الذي قدموا من أجله فلماذا البقاء، (نعم وقعنا على الخارطة ورفضت الحكومة، فعلنا كما فعلوا وورقة الحل لم تطو بعد).