ليس هناك في الحياة أجمل من أن تترك أثراً طيباً، ومن أحب الأشياء إلى النفس الإنسانية أن يفعل لها الخير حتى إن عجزت عن تقديمه بذاتها، ولكنها تحب دائماً العطاء الجميل سواء كان مادياً أو عينياً، ويكفينا في السودان مثلاً وحكمة أن حتى الكلام إذا كان طيباً فإنه يكون نعمة على نفس سامعه ( الكلام الطيب بخور الباطن). هذه مقدمة لازمة للحديث عن مبادرة رائعة احتضنت تدشينها المؤسسة السودانية بدعوة كريمة من مديرها التنفيذي الأخ أبو اليسر ، أما الفكرة ذاتها فقد تفتق عنها ذهن شاب رائع من أبناء بلادي هو عاصم حسن محمد، ثم سكب عليها شاب آخر من أبنائها المغتربين عصير خبرته في مجال ريادة الأعمال هو الأخ هشام أحمد خلف الله وسرعان ما تداعت إليها أفئدة ثلة من المدربين الرائعين الذين وجدوا فيها تعبيراً صادقاً عن أشواقهم في خدمة مجتمعهم لا يريدون جزاءً ولا شكوراً ولا عائداً مادياً. المبادرة تتمحور حول الخريجين وتدريبهم وتأهليهم لسوق العمل ودعم المتميزين أصحاب القدرة على الابتكار والاختراع أينما كانوا وأيّاً كانت تخصصاتهم ولأنها دون عائد مادي ودون أي رسوم فإنها متاحة للجميع دون أي تفريق أو فروقات، ولأنها كذلك خالصة وخيرية تدافع الرعاة قبل أن تتبلور تماماً وعندما بدأت الخطوات العملية وتداعى الرواد المؤسسون من داخل وخارج السودان انتقلت بسلاسة من العالم الافتراض بهمة المدربين والمدربات الذين بذلوا الوقت والفكر حتى أصبخت تمشي بيننا على ساقين وسينطبق عليها باذن الله قول الشاعر ( متى بلغ الصبي لنا فطاما .... تخر له الجبابرة ساجدينا). ليس هذا تفاؤلا مفرطا ولا مجرد أمل يرتجي ولكنها حيثيات وافكار مرتبة وخطوات عملية وعلمية وبرامج محددة وواضحة خلفها مجموعة من أبناء وبنات بلادي الذين يحبونها ويرغبون في أن يرونها وإنسانها قد عمروا الثرى وتجاوزوا الثريا حباً وكرامة دون منٍ أو أذى، وهي أن شاء الله تندرج في العمل الصالح الذي ينفع الناس كالغيث النافع الذي أينما وقع نفع وترك أثراً طيباً.