محاولات عدة تجري هذه الأيام لجمع شتات الاتحادي الديمقراطي الأصل وترتيب الأوراق قبل وصول زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني للبلاد بعد غياب امتد لثلاث سنوات، جرت خلالها مياه كثيرة تحت جسر استقرار حزبه العتيق. وحتى قبل مغادرته البلاد في أغسطس من العام 2013 إلى عاصمة الضباب لندن مستشفياً شهدت فترة تواجده بعد مشاركة الحزب في الحكومة عقب انتخابات 2010 تمرداً كبيراً على قرارت هيئة القيادة التي أقرت في اجتماع شهير بجنينة السيد علي الميرغني المشاركة في الحكومة ومفارقة صفوف المعارضة . خلفية الصراعات: وكانت أزمة الحزب استفحلت بعد وصول نجل الميرغني -الحسن- البلاد على نحو مفاجئ بصحبة غريمه السابق أحمد سعد عمر قادمين من القاهرة قبل قيام انتخابات العام 2015 بشهور ودخل في اجتماعات سرية مع نافذين في الحكومة بعد أن كان من أشد الخصوم للنظام الحاكم ومشاركيه من قيادات حزبه، الشئ الذي أشعل نار الأزمة بعد أن صب الحسن بعودته مزيداً من الزيت على نار الخلافات وفقده لكثير من مناصريه لاسيما شباب وطلاب الحزب الذين أعلنوا تمردهم من جديد على آل البيت الميرغني، وكذلك فعل عدد من قيادات الحزب التي عقدت اجتماعاً شهيراً بمطعم الأسكلا وسط الخرطوم ورفضت كل خطوات الحسن الأخيرة وقربه من النظام الحاكم ومشاركته في الانتخابات والحكومة القادمة - آنذاك- اجتماع الأسكلا الشهير فتح شهية الحسن إلى تصفية حساباته مع خصومه السابقين من الحرس القديم الذين ناصبوه العداء إبان تمرده على الحزب وقراراته بالمشاركة، وأشهر سيفه وارتكب مجزرة داخل الحزب في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث قام بفصل عدد كبير من قيادات الصف الأول ونصب مكانهم آخرين، وأعلن في ذات الوقت أنه يحمل تفويضاً من والده يقر خلافته في رئاسة الحزب، وفي المقابل ظلت القيادات المغضوب عليها تتمسك بعدم شرعية الحسن وبطلان قراراته وتتهمه بتزوير اختام وأوراق الحزب الرسمية وأفلحت في استصدار قرار من مجلس الأحزاب السياسية بعدم شرعية الحسن وقراراته بيد أن الرجل استمر في حملته الشرسة ضد خصومه ودخل الانتخابات التي عبرت به إلى القصر الجمهوري مساعداً أول لرئيس الجمهورية، وأسدل الستار وحسم جدل المعركة بينه وغرمائه. في لندن ظل والده يلوذ بالصمت ولم يصدر أي قرار بشرعية أوعدم شرعية ما يقوم به نجله في الخرطوم، بل ظلت كل أبوابه مغلقة في وجه أقرب المقربين منه من الذين تم فصلهم بقرارات من نجله وحاولوا مراراً الاستناد به، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل الشيء الذي دفع القيادي البارز بالحزب البروفسير بخاري الجعلي لينعي الحزب بمقالة نشرت في معظم صحف الخرطوم. محاولات لم الشمل: لكن قرار الميرغني الأخير بعودته إلى الخرطوم وهبوط طائرته على مدرجات مطار القاهرة منتصف الشهر الماضي كان بمثابة رمي حجر في بركة الحزب الساكنة، ورغم أن الرجل تأخر أياماً في قاهرة المعز ووردت أنباء عن نيته في المغادرة إلى السعودية وزيارة المدينةالمنورة قبل عودته للبلاد، إلا أن كثيراً من القرارات التي أصدرها من مقر إقامته هناك حركت سكون ليالي حزبه المظلمة في الخرطوم، حيث أصدر أول قرار بإلغاء كل التكاليف السابقة بما فيها تكليف نجله الحسن، ومن ثم حل أمانة التنظيم بالحزب وفتح دار الحزب بالقاهرة حسبما كشف القيادي الاتحادي والمقرب من الميرغني أحمد السنجك في تصريحات صحفية سابقة،ولم يقف الرجل عند تلك القرارات بل وفي محاولة منه للملمة الشتات من جديد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من فوق ركام الخلافات التي فتتت الحزب استدعى مولانا أمس الأول حسبما نشرت الزميلة (التيار) عدداً من قيادات حزبه بينهم المراقب العام للحزب بابكر عبدالرحمن ووزير الثروة الحيوانية جعفر أحمد عبدالله للتباحث بشأن الوضع الراهن السياسي في البلاد والخروج بقرار تنظيمي من شأنه وضع حد للأزمة التي تفجرت بعد مغادرته البلاد . تساؤلات مشروعة: الاستدعاءات التي جمعت بين التضاد داخل الحزب المكلوم، ربما أراد بها الميرغني أن يوصل رسالة إلى نجله الحسن تحمل بطلان قرارت فصله السابقة إذ من بين الذين تم استدعاؤهم للقاهرة المراقب العام المفصول وفقاً للقرارات الشهيرة. لكن اللغز يكمن في استدعاء الوزير جعفر أحمد عبدالله، فالرجل بحكم أنه يشغل منصباً دستورياً يقف في الضفة الأخرى من تلك التي يقف فيها المراقب العام.. إذن السؤال الجوهري ماذا يريد الميرغني؟ هل يريد أن يلغي قرارات نجله وتفويضه له ويباشر مهامه كرئيس للحزب، أم أنه يريد أن يلعب دور الوسيط ويجمع شتات الحزب من جديد؟ مصدر مقرب من الميرغني قال ل(آخر لحظة) أن زعيم الحزب تجاوز في الأصل قرارات نجله واعتبرها كأنها لم تكن وستحمل القيادات من القاهرة تكاليف جديدة ستغير من طبيعة العمل الحزبي بالداخل. وحول الأبناء الواردة عن سفر الحسن للقاهرة قال المصدر إن الحسن لن يأتي إلى القاهرة ولن يعود قريبا إلى الخرطوم وسيبقى في أمريكا حتى يرى ما ستسفر عنه عودة والده للداخل، وأضاف المصدر أن الوزير جعفر أحمد عبدالله هو في الأساس من الرجال المقربين للميرغني ومن المخلصين له ومن أهل الثقة عنده، وأن استدعاءه للقاهرة ينبع من خلفية الرجل الماضية وإخلاصه الشديد لزعيم الحزب .