٭ وتبدأ جولة المفاوضات.. وتنطلق المحادثات.. وأنا الآن وجهاً لوجه مع سعادة النائب الأول.. ليست (مائدة) مستديرة.. كتلك التي ألح عليها (جوزيف لاقو) في عهد نميري.. بل فقط مقعدين متقابلين.. أحدهما يجلس عليه النائب الأول.. وهو من فخيم ووسيم(الأثاث) و (خشب دمياطي) صقيل.. يمكن في يسر وسهولة أن ترى أدق تفاصيل وجهك على صفحاته اللامعة .. ومثل هذا لا بد أن يكون حفظاً لمكانة وعلو منصب النائب الأول.. و (المقعد)الآخر الذي أجلس عليه) أنا( هو من جملة) الكراسي المتواضعة (المسكينة، حتى لا أنسى ولو للحظة واحدة إنني إنما أمثل (الحرافيش) والعوام من الشعب السوداني العظيم، وحتى لا تكون في قلبي مثقال ذرة من كبر لأتفادى تلك اللافتة التي هي على (باب الجنة) والتي تؤكد أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. ٭ وتبدأ جولة التفاوض وقطعاً لن يكون هناك (أمبيكي) ولا(بوث) فقط راعي المباحثات هو إيمان مني ومن النائب وتأكيد من النائب الأول ومني بأننا سوف نتحاور ونقود مركبنا إلى (بر الأمان) بعد أن نستوحي رقابة ضمائرنا وقبلها الخالق، وبعد أن ندرك تماماً ونعلم يقيناً أن كل شعب السودان (بإستثناء الأخوان) ينظر إلينا وهو (باني آمالو وطموحو ومعتمد أبداً علينا.) ٭ وطبعاً لن تكون هناك (محاصصة) ولا (سكاكين مائدة) (لتشق) الكيكة، لأنه أصلاً لن تكون هناك (كيكة) ولا حتى (رغيفة)، فنحن مجموع الشعب العظيم (نعف عند المغنم)، وقطعاً لن تكون هناك ترتيبات أمنية.. لأننا شعب تفزعه أصوات الطلقات والشظايا، يرفض مجرد النظر إلى اللون الأحمر إلا في (الأعلام (رايات النبؤات الجريئة) التي ترقص في عربدة وزهو مع دفقات الريح.. نعم نحن (في شدة بأس يتجلى) ولكننا أيضاً (على الود نلم الشمل أهلا.. (ونحن تماماً كما كتب عنا )مرسي صالح سراج ذاك )النوبي) الفصيح (ثائر إذ هب من غفوته كإندفاع السيل في ثورته) وعندما ثرنا واطحنا بالجنرال (عبود) لم تكن أسلحتنا غير)فروع من النيم) وفريق مسالم منا كان يلوح بالمناديل، و)الحال يا هو نفس الحال (عندما قرر الشعب نهاية المهزلة، (مهزلة مايو) وصدقني سعادة النائب الأول إن خسائر الوطن في الممتلكات لم تزد عن (تكسير) ثلاثة أو أربعة (قول خمسة (من زجاج شارات المرور) و (دي يكونوا عملوها الشماشة) غفر الله لهم وأبدلهم مساكن آدمية تليق بالإنسان بديلاً واحلالاً لمنازلهم المؤقتة في (الخيران) و (تحت الكباري) وعلى برندات البنوك ومساطب الدكاكين) وتبدأ المحادثات واستهلها (أنا) بخطبة عصماء أوكد فيها أن المباحثات سوف تخرج بتوصيات (تسكت الخشامة وتنزل في العوازل كي (وطبعاً أنا عارف وأنت عارف من هم الخشامة الذين يضعون ويصنعون) الجنادل (حتى تنساب أمواج إصلاح الدولة التي سوف تطعن مصالحهم )في الحلق. وبكرة آخر يوم للمفاوضات...