كنا في السابق عندما نكتب عن قناة النيل الأزرق نحس بفرح استثنائي يعربد في الدواخل وأن القلم يتراقص طرباً حتى وإن كانت الكتابة نقداً، لأن (النيل الأزرق) كانت بالنسبة لنا مصدراً للبهجة والسرور وكانت شاشتها المِكحلة التي تكتحل منها عيوننا بعد أن يصيبها الرمد من مشاهدة القنوات الفضائية الأخرى. كانت (النيل الأزرق) في زمان الشريك الشيخ صالح الكامل تمثل حقيقة المرآة التي تعكس تراث البلد وجمال وإبداع أهله الغني بكل ألوان الدهشة وثقافاته المتنوعة، ذلك لأن الشيخ صالح الكامل لم يتدخل يوماً في سياسة عمل القناة ولم يفرض على إدارتها أحداً وترك (الخبز لخبازيه)، فكانت الوجبات البرامجية الدسمة وكانت قناة ملء السمع والبصر اسمها (النيل الأزرق). عفواً.. نحن لا ننعي القناة ولا نتباكى على ماضيها، لكنا نريد أن نقول للشريك الجديد وجدي ميرغني إن سياسة الإدارة الجديدة التي أطاحت بأهل الخبرة في طريقها للإطاحة بالقناة من سوق التنافس الفضائي وبالتالي نكون فقدنا واحداً من أهم أسلحتنا الإعلامية التي كنا نستخدمها في الحرب الإعلامية الموجهة لبلادنا ولهويتنا السودانية، بعد أن سرحت القناة أهل الخبرة والعلم والدراية لتستعين بمن هم في طور الحبو في بلاط الإعلام، للدرجة التي يمكن فيها أن تشغل موظفة لا ندري ما هي مؤهلاتها، وظيفة سكرتيرة ومنتجة برامج في آن واحد، بينما تغادر منال فتح الرحمن المشهود لها بالكفاءة والتفاني في العمل والتي هي أكثر خبرة ودراية بالعمل البرامجي من مدير البرامج نفسه، أي قانون أخي وجدي ذلك الذي يسمح لشخص بتقلد وظيفتين في مؤسسة واحدة، ومؤسسة بقامة وحجم قناة النيل الأزرق؟.. أم يا ترى أن هذه الموظفة مع احترامنا لها، هي عبقرية زمانها. الأمثلة كثيرة التي تؤكد أن قناة النيل الأزرق تحتاج إلى انتفاضة إدارية يعرف فيها كل حجمه الطبيعي، ويعرف القائمون على أمر القناة أن دور القناة ليس تقديم مذيعات معظمهن لا يفرقن بين معاوية محمد نور ومعاوية محمد علي، أو مغنيات يتمايلن كأغصان البان في ليلة ريح عاتية. قناة النيل الأزرق هي قناة هذا الشعب، تحمل اسمه وتعبر عنه وهي الملاذ الذي يلجأ إليه كلما بحث عن لحظة راحة واستجمام، لذلك لا نريد غير أن تكون كما نريد أو تعود سيرتها الأولى، أيام كان كل فرد فيها يعرف حدوده ويؤدي دوره على أكمل وجه، وأيام كانت لا تعرف سياسة المجاملات ولا تعرف غير العطاء والإبداع. خلاصة الشوف عزيزي وجدي.. عليك أن تعلم أن نجاح أي قناة فضائية يقاس بمدى ما تلعبه من أدوار مهمة في قضايا الوطن وبقدر ما تبذله من جهد يحافظ على هوية البلد، وليس المقياس تهافت الشركات لرعاية البرامج.