٭ عطفاً على ما كتبته عبر هذه الزاوية مطلع الأسبوع الماضي بأن هناك تحولات كبيرة وخطيرة حدثت للشخصية السودانية طمست القيم الأصيلة التي عرفت بها، ودعمت ذلك بالعديد من الأمثلة، وقلت إننا بتنا في كل يوم جديد نسمع ونقرأ عبر الوسائط المختلفة عن سلوكيات تؤكد أن هناك تحولاً كبيراً وخطيراً قد حدث فعلاً للإنسان السوداني ، هذه السلوكيات جعلت صورة الإنسان السوداني مشوهة ولم تعد كما كانت من قبل مثل (الجنيه الذهب). ٭ أمس وحسبما ورد بهذه الصحيفة في صدر صفحتها الأولى ضبطت إدارة المخالفات البيئية بالمجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم عدداً من المزارع بشرق النيل بولاية الخرطوم تسقي إنتاجها الزراعي من مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وتم تدوين بلاغات ضد هذه المزارع بنيابة البيئة، بناءً على تقارير المعمل، والتي أثبتت وجود نسبة عالية من مادة تختصر بال(BOD)وصلت تقريباً وفقاً للتحاليل التي أجراها معمل المجلس إلى (1600)، فيما حددت المواصفات العالمية أن يكون الحد الأقصى للتلوث بهذه المادة (7) فقط. أغلب هذه المزارع تقوم بزراعة (أب سبعين) والعجور وبعض الخضروات التي يتم طرحها في الأسواق، وقال رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالخرطوم اللواء(م) عمر نمر إن أصحاب هذه المزارع يعتقدون أن مياه الصرف الصحي أسمدة طبيعية. ٭ الوقوع في الأخطاء من طبيعة النفس البشرية.. ولا يوجد إنسان على هذه البسيطة معصوم من الأخطاء.. وصدق نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (كل ابن آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون) وارتكاب الخطأ قد تكون له أضرار تتجاوز أحياناً مرتكبه ويتأثر بها آخرون.. وقد يرتكب أحياناً شخص ما خطأ متعمداً أو بسبب الإهمال يكون سبباً في إحداث كارثة تقع على من هم حوله. ٭ أصحاب هذه المزارع وهم رجال أعمال معروفين لا يمكن أن يصنف سلوكهم هذا بأنه خطأ كما أراد أن يصفه سعادة الفريق عمر نمر، بل هو سلوك يمكن أن يندرج في خانة الشروع في القتل مع سبق الإصرار لأنهم يدركون تماماً خطورة ما يقومون به حيث إنهم يقدمون لنا (السم الزعاف) في تلك الخضروات التي تنتجها مزارعهم.وأمثال هؤلاء لم يكبحهم واعز (الأخلاق والقيم) ولا حتى واعز (الدين) لذا يجب أن تطبق عليهم (أقصى وأقسى) العقوبات لأن الجشع والطمع أعماهم ولم يعد يهمهم أن يموت الناس بفعلهم هذا، طالما أنهم يزدادون ثراءً وتكبر (كروشهم) وتنتفخ (أوداجهم) ويركبوا (الفارهات) من السيارات ويأكلون (أطايب) الطعام. ٭ نتمنى أن لا يكون مصير هذه القضية كقضية المطعم المشهور في أمدرمان والذي قد أثارت قضيته الصحافة ولم نسمع من حينها عن محاكمة صاحب المطعم، وللتذكير فقد كانت السلطات المحلية حينها ألقت القبض في الطابق العلوي من المطعم المعني على عدد يفوق عشرة مراتب أسفنج قديمة وماكنة طحن تحول مراتب الإسفنج إلى مادة مطحونة تضاف إليها التوابل وتستخدم في تتبيل اللحوم والدجاج وذلك بغرض تغيير لون الدجاج واللحوم والأقاشي وزيادة الوزن. ٭ في العراق أيام الرئيس صدام حسين حكى لي أحد الإخوان الذين كانوا يقيمون هناك أن مهندساً مدنياً كشفت الجهات الاستشارية (تلاعبه) في مواصفات بناء أحد الجسور التي تم تشييدها في بغداد فقدم المهندس للمحكمة وصدر الحكم بإعدامه لأنه بسلوكه هذا شرع في قتل الناس...إين نحن من هذا؟؟