*والعنوان مأخوذ من فيلم عربي بطولة النجم المصري الكوميدي هاني رمزي، وتدور أحداثه عن شاب وشابة يقدمان دعوة لرئاسة الجمهورية لحضور حفل زفافهم وتستجيب الرئاسة فيتغير حال الحى الذي يسكنه العرسان بسبب الاهتمام بالنظافة والتشجير والطلاء، وعقب انتهاء الزيارة تقوم المحلية بحمل الأشجار التي أتوا بها لتزين الحي أمام المسؤول الكبير. *والأسبوع الماضي كنت على موعد مع مشهد مماثل وأنا أشاهد آليات النظافة تعمل بجد واجتهاد غير مسبوق في تنظيف المكان أمام أحد المساجد، لعلمي بوجود مناسبة عقد قران في نفس اليوم حرصت على معرفة هل هناك مسؤول رفيع سيحضر لحضور عقد القران، وفعلاً قد كان ولأني حسُن الظن بسلطاتنا المحلية انتظرت عدة أيام لمعرفة هل برنامج النظافة هذا سيستمر أم أنه مربوط بزيارة المسؤولين رفيعي المستوى، ويبدو أن ظني قد خاب فقد توقفت العملية. *والشاهد في الأمر أن عملية إزالة الأنقاض ونظافة الطرقات ممكنة ولدينا الإمكانات لذلك والكوادر البشرية المؤهلة للعمل، ولدينا الأنقاض والنفايات تزكم الأنوف وتلوث المشهد العام فماذا يمنع استمرار عملية النظافة وأكاد أزعم أن النفايات في عهد الولاية الحالية تكاد تمد لسانها مستهزئة بالمارة في الطرقات. *وقد زرت مدينة بورتسودان مراراً وتكراراً أثناء تولي الوالي الأسبق محمد طاهر إيلا وعقبه علي حامد ووجدت المدينة تنعم بصحة بيئة تتألق نظافةً وتشجيراً وتمنع فيها عربات الكارو مستعيضين بما يعرف (بالتُكتُك) يحمل الماء ويوزعه على أشجار المدينة التي تواجه أزمة مياه، وفي الصباح الباكر تشاهد عمال النظافة بزي مميز ينتشرون في الطرقات وهم يحملون معداتهم لنظافة الشوارع وطرقات الأحياء المعبدة بالأسفلت، وجنباتها مرصوفة حتى داخل الأحياء بما جعل انتشار التراب شبه مستحيل وتحول الأمر إلى سلوك عام هناك على بعد حوالي 800 كيلومتر من الخرطوم البائسة. *دع عنك مدن العالم الثالث التي تحيط بنا وانظر إذ شئت إلى أديس أبابا التي تنضح جمالاً ونظافةً تسر الناظرين، وشمالاً في مصر تجد مدينة الإسكندرية تضاهي مدن العالم نظافة رغم الازدحام السكاني الرهيب لكنها أنيقة دائماً، وقد أشركتنا إحدى الصديقات في صور لمدينة أكرا عاصمة غانا وشهدنا العجب والمدينة كحسناء فاتنة يوم زفافها. *وحتى لا نطوف بعيداً فالخرطوم نفسها في ثمانينيات القرن الماضي كانت لا تقل شيئاً عن العواصم التي ذكرناها، وقد شهدت بأم عيني سيارات غسل الشوارع تضخ الماء ضخاً تزيل به الأتربة عن الطرقات وشهدنا عمال النظافة أبهى ما يكون، وقد حدثني صديق لبناني أنه حضر في السبعينيات ليشهد حفل الكريسماس ورأس السنة الميلادية في الخرطوم عبر وكالة سفر أعلنت عن رحلة للخرطوم فماذا حدث لنا يا أكرمك الله. *في الخلاصة أننا نحتاج إلى زيارات معلنة للمسؤولين رفيعي المستوى إلى مدن الولاية وبصورة شبه يومية لعل السلطات المحلية تضطلع بدورها المناط بها أو تغادر غير مأسوف عليها.