الأيام الماضيات جرت أحداث كثيرة.. لفت نظري أحدها وشدني وأدهشني، لذا أسلط الضوء على هذا الحدث، لما فيه من إبداع ونضوج ومهنية عالية.. خاصةً وأننا قد ابتعدنا عن هذه المهنية في إدارة معظم مرافق الدولة، حتى صرنا في حالةٍ من البؤس والتردي الاقتصادي جعل الفساد هو سيد الموقف يمشي بيننا نهاراً جهاراً، وجعلنا نرزح تحت خط الفقر والعوز.. والحدث الذي أعنيه هو فكرة خلاقة تحارب وتحاصر الفقر وتشرك الجهد الشعبي.. وأعني مشروعات هيئة أوقاف ولاية الخرطوم وأود لفت النظر لأهم هذه المشروعات، كالأسهم والصناديق الوقفية، وهي مواعين يساهم فيها المجتمع في تأسيس المشروعات الوقفية الكبرى.. وقد تجلى الخيال الإبداعي لرجال هيئة أوقاف ولاية الخرطوم على مساهمة كل الأفراد حسب استطاعتهم وامكاناتهم.. تمشياً مع الأوضاع الاقتصادية وإشباع رغبات الناس في عمل الخير.. كما أنها تمثل إحدى المساهمات المجتمعية في معالجة كثير من القضايا الملحة باشتراك كافة قطاعات وشرائح المجتمع لخدمة أنفسهم، وتكافلهم مع الطبقات الأكثر فقراً تأسيساً لقوله صلى الله عليه وسلم (اتقوا النار ولو بشق تمرة). (والوقف) هو من أبرز صيغ العمل التطوعي الذي حض عليه الإسلام، ومارسه المسلمون على مر العصور وجوهره هو (الصدقة الجارية)، والوقف يقوم على الرغبة والترغيب وليس الإلزام.. فمشروع الأسهم الوقفية هو عمل ناضج مدروس يُشكر القائمون عليه بأوقاف ولاية الخرطوم، ففيه خيال والخيال يولد الإبداع.. فليس هناك أبدع من أن يعالج الفقير فقره بكامل رغبته. وتقوم فكرة الأسهم بصناديق وقفية بصكوك اسمية تُطرح للاكتتاب العام وبيعها للراغبين في الوقف بحسب الإمكانات المتاحة. أما المشاريع التي تعالجها تلك الأسهم على سبيل المثال لا الحصر.. مشروع إفطار تلميذ- رعاية الأيتام وذوي الحاجات الخاصة.. ورعاية الأطفال المصابين بالسرطان.. رعاية مرضى الفشل الكلوي.. صيانة المقابر.. ورعاية نزلاء الدور الإيوائية وغيرها.. فالوقف طوعي، ومن خلال الأسهم والصكوك يكفي أنه يشرك الفقير في حل مشكلته بصورة مستمرة ويكسب دنيا وأُخرى.