على غير العادة يجئ عيد ذكرى الإستقلال أو كما يسميه كثيرون رأس السنة هذا العام، والكل يعيش أحاسيس متباينة، بين التشاؤم والتفاؤل والتوجس، وآخرون يعرضون خارج الزفة، لا حديث لهم إلا سماح السلطات للمواطنين بالإحتفال حتي الساعات الأولى من الصباح مع حافز توفير المواصلات والحفلات المجانية على مسارح الحدائق والميادين العامة، هذا كل ما يهمهم، ولكن المهم عندنا أن نقول للحكومة إن الإحتفال بذكرى الإستقلال هو مناسبة وطنية في المقام الأول لا يكون حافزها السماح بالغناء والرقص والسهر حتي الصباح، وإنما يكون الإحتفال بها بمعالجة قضايا المواطنين وتسهيل أمور معاشهم، ولا نقول محاربة غلاء الأسعار لأننا سئمنا من كلمة حرب وأخواتها محاربة وإحتراب. كان من الأولى أن نسمع قرارات شجاعة تعيد أمور السوق وأسعاره المرتفعة إلى نصابهما الصحيح، وأن نسمع عن فرص عمل جديدة للشباب العاطل عن العمل، مكتوياً بنيران الترقب والإنتظار التي أحرقت أفئدة الآباء والأمهات الذين بذلوا الغالي والنفيس مع السهر والتضحية في انتظار أن يتخرج الابن أو الابنة ليجدا وظيفة تكون بالكاد تفي بعض الرغبات، لا إقامة الحفلات والسماح للمواطنين بالسهر حتي ساعات الفجر الأولى مما يعني حرمان أكثرهم من صلاة الفجر حاضرة، ولن نزيد. وحتي لا يفهم البعض أننا ضد الاحتفالات أو يصفوننا بالتشدد نرجو أن يتأملوا حروفنا جيداً، لأن مغزاها المطالبة باحتفال حقيقي يليق بالمناسبة الوطنية العظيمة، احتفال يفرح له الشعب ويطرب وينام هادئاً مرتاح البال، لا أكثر ولا أقل، فأكثر من (55) عاماً والناس تحتفل بالاستقلال وتردد مع فنان أفريقيا الأول.. اليوم نرفع راية استقلالنا، فما الجديد، غير إنتقاص المليون ميل مربع!! إن الاحتفال الحقيقي بالاستقلال يكمن في مراجعة وطنيتنا، جميعاً بلا إستثناء، ويسأل كل منا نفسه ماذا قدم للوطن وماذا سيقدم في العام الجديد؟ فالوطنية تتفاوت من مواطن وآخر، وهناك من ليس لديه مثقال ذرة من وطنية، لا يفقهون منها شيئاً غير الاحتفال حتى الصباح، كلٌ على طريقته، وآخرون لا يكادون يعرفون من الأول من يناير غير أنه بداية العام الجديد ورأس السنة. عموماً هي ملاحظات، ونتمنى لوطننا العزيز الأمن والسلام والاستقرار، ولأهلنا جميعاً الخير والبركات، ونسأل الله أن يعود العام القادم وبلادنا في أحسن حال.