صاحبي ابو وجه عكر والمكشر على طول الخط زي حالاتي ، يعاني من عدم الثقة في نفسه ، رغم انه وسيم ويشغل منصبا يسيل له اللعاب ، قبل يومين وجدت رسالة منه على جوالي ، الرسالة عبارة عن أبيات من الشعر لا ادري من قائلها يتحدث فيها عن سعادته لانه غرق في الحب حتى شوشته ، ولأنني اعرف صاحبي المتجهم ، لم اصدق ان تلك الرسالة الرومانسية واردة من حضرته ، وحتى اقطع الشك باليقين هاتفته فأطلق الرجل صيحة من أعماقه المحروق ( وين يا زول انا أفتش ليك بالشمعة وأسأل عليك سؤال الضهبانه عشان احكي ليك حكايتي مع الحب ) ، في تلك اللحظة أطلقت ضحكة مجلجلة وبدأت أهرش دماغي الخربان وقلت في نفسي ان صاحبي ربما يكون أصيب بمس من الجن أو انه مريض و( يهضرب ) من الحمى لكنه سبقني وقال بالفم المليان ( طبعا يا زول أنت مستغرب على الرسالة اللي وصلتك ) ، أكدت له في لحظتها إنني مستغرب من الرسالة ومن إنبساطه وضحكاته المجلجلة التي لا تشبهه فانا منذ ان عرفته لم اسمع منه سوى الشكوى من الحياة وجفاء الناس والغدر ، المهم الرجل قال انه وقع في الحب إلى شوشته ووجد نصفه الآخر بعد سنوات من الضياع والإبحار في الصمت والكآبة ، في تلك اللحظة هللت وكبرت كما يفعل الناس في السودان في اللقاءات السياسية عندما يلقي احد المسؤولين خطابا عشوائيا يخدر به العقول ، المهم قلت لصاحبي العاشق ان حالته تستدعي التحقيق والدراسة ، وبدأت استجوبه مثل ما يحدث في التحقيقات الخاصة بأقسام الشرط في السودان وسألته عن أسباب تغيره ، فأكد الرجل وأنفاسه تعلو وتهبط ان الحب الأعمى اخيرا طرق بابه وغير حياته وأصبح اكثر تفاءلا بالحياة وانه كتب روشته جديدة للتعامل مع الناس وهو لا يعرف كيف يشكر المرأة التي حطت على شباك قلبه وغيرت ملامح حياته ، بعد ان سمعت حكاية صاحبي الذي ركب موجة الحب ، وترك التكشيرة إلى غير رجعة بدأت اسأل نفسي عما اذا كان الحب يفعل ( الهوايل ) ويغير حياة البشر وبالصدفة وقعت تحت يدي دراسة أجراها عدد من الباحثين في جامعة لوفين في بلجيكا كشفت ان هرمون الحب يزيد الثقة في نفوس البشر ، ويدعم التفاؤل لدى الإنسان ، وطالما ان الحب يغير نفوس البشر ويرمي على شبابيك القلب ورود التفاؤل إذن تعالوا قبل انفصال الجنوب الذي أصبح واقعا ( لا يأكل ولا يشرب ) نبحث عن هرمون الحب الأعمى وفي حالة عدم وجوده نقوم بتصنيع نسخ سودانية ، لتوزيعها على قلوب ملايين السودانيين شماليين وجنوبيين ، حيث يمكن بواسطة هذه الجرعات ان يسود التفاهم بين الدولتين الشقيقتين جمهورية شمال السودان ونظيرتها جمهورية جنوب السودان ، فالجنوب في أمس الحاجة إلى الشمال وكذلك الشمال بحاجة إلى الجنوب وما ينسى العشرة الا أولاد الحرام .