حاولت أن أتجول في أحداث يوم الجمعة الماضي، وهي الجمعة التي تسبق الأحد ويفصلها يوم واحد مشوب بالحذر الكبير والترقب اللا محدود.. وقد شهد هذا اليوم «الجمعة» لقاءين جماهيريين في الخرطوموجوبا، الأول كان يخاطبه المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية أثناء افتتاحه لكوبري الحتانة- الحلفاية، والثاني في واو وكان يخاطبه باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان.. وفي ظني أن كلا الحدثين لهما دلالات لها ما بعدها، فالرئيس البشير قد أكد أن الإنقاذ ستتبع نهجاً جديداً تستند فيه على الشريعة وتطبيق الحدود، ولعل هذه النقطة هي النقطة المحورية التي يدور حولها الحديث هذه الأيام، فالبشير يؤكد أنها هي شريعة الله التي يريد أن يستند عليها عباده في الأرض، وأنه لن يحيد عن تطبيق هذه الشريعة عندما يصبح غالبية الشعب من المسلمين.. وقد دار لغط كثير حول هذا النهج، وقد ذهب البعض في اتجاه النقد وأظنه سيكون موضوعياً إذا كان الرئيس يتحدث عن قوانين وضعية، لكن الغريب أن غالبية الناس يتخوفون من تطبيق الشريعة، بل يعلنون تخوفهم بصورة واضحة ويستنكرون تطبيقها بدون خجل، ظناً منهم أن رفضها هو شكل من أشكال المعارضة التي يشتمل برنامج غالبية أحزابها على الشريعة الإسلامية.. إذن سادتي نحن لا نريد للشعب أن يرفض تطبيق الشريعة، لأن من سيطبقونها هم الإنقاذيون، لكننا نريد أن يطالبهم بتطبيقها بصورة جيدة حتى يعيش الجميع وهم راضون عنها، لكن رفضها بالطريقة التي نسمعها شيء يدعو للعجب، لأن المسلمين هم من يرفضون تطبيق الشريعة. أما حديث باقان في جوبا، فهو دعوة صريحة وعلنية للتصويت للانفصال، لكن ما لفت نظري في حديثه أنه عندما شكر المؤتمر الوطني على إتاحته هذه الفرصة لهم وإعطائهم حق تقرير المصير، وإشارته لحديث رئيس الجمهورية بأنهم لن يقيمون سرادق عزاء إذا انفصل الجنوب.. كان يريد أن يرسل رسالة مبطنة بأن الشماليين يريدون الانفصال.. وتحس أن هذه الكلمة قد تركت أثراً مزعجاً داخله رغم أنه كان لا يتوانى في إخراج الكلمات من جوفه مهما كانت تأثيراتها ودرجة حرارتها.. فقد كان أكثر المتشددين رغم علمه ببواطن الأمور السياسية والاقتصادية للانفصال. المهم سادتي اليوم الاستفتاء ويدخل السودان فيه مرحلة جديدة.. وننتظر الأيام لنرى ماذا ستحمل من مفاجآت.