مع بركات الشهر الفضيل، نزل حديث الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، في الهلالية بولاية الجزيرة أول من أمس، برداً وسلاماً على الأمة السودانية، وهو يؤكد أن الشريعة الإسلامية وأحكامها هي مصدر التشريع وموطن التعاهد بين الحكومة والمجتمع على تطبيقها والالتزام بأحكامها لإقامة دولة تقوم على نظم وتشريعات وعدالة وقانون وأمن ودعم للفقراء والمساكين. وبلغة فيها نوع من التحذير، وهو نادر جداً في الخطاب السياسي لنائب الرئيس الذي يختار عباراته بعناية فائقة وتقديرات دقيقة، حذَّر المتطاولين على نهج الشريعة الإسلامية والمتآمرين على الشعب ومن بلغ بهم التطاول على رئيس الجمهورية، من أن حد السيف هو أسلوب التعامل معهم وسيُقْطَعُون بنصله. وهذه لعمري لغة المرحلة التي كان يجب أن يتحدث بها السيد نائب الرئيس ويوجِّه رسالته التي يريد بحزم وحسم لائقين ومقابلين لما يجري من تآمر على البلاد وأمنها واستقرارها.. وقوى الداخل والخارج لا بد أن تسمع وتعي هذه الرسالة القوية ومداها وجديتها وصرامتها. بشأن الشريعة هناك جدل كثيف في الساحة السياسية، حول الدستور القادم واعتماد الشريعة مصدره الوحيد وليس الرئيس فقط للتشريع، باعتبار أن السودان بعد انفصال الجنوب لا مجال فيه لمراعاة الاعتبارات السابقة التي جعلت من تطبيقات الشريعة منقوصة وفيها نوع من «الدَّغْمَسَة» كما قال الرئيس البشير في نوفمبر الماضي في القضارف، وتتحرك الآن أعداد كبيرة من الهيئات والجهات الحادبة على تطبيق الشريعة وحكمها الناجز، وفي مقدمة هذه الجهات العلماء والفقهاء ورجال القانون والفقه الذين عقدوا العديد من الندوات والقاءات، وأبلغوا الدولة من قمة هرم السلطة فيها بالحكم الشرعي ووجوب تطبيق الشريعة وعدم التهاون فيها، وقد بلغوا شأو المناصحة بلقائهم مع الرئيس البشير وقيادات الحزب الحاكم والحكومة، ويمور المجتمع بحركة نشطة في هذا الطريق، ولم تخلُ خطبة في مسجد أو أي عمل دعوي وسياسي من تأكيد الحرص على إنفاذ أحكام الشريعة الإسلامية وجعلها الهادية للصراط المستقيم. ومقابل ذلك حاولت بعض التيارات العلمانية واليسارية، وهي تمتطي ظهور الأحزاب التقليدية والمدَّعية أنها أحزاب إسلامية، إشاعة البلبلة والتدليس على الرأي العام وعلى سائر المواطنين، وصدرت دعوات باطلة تدعو علناً وخفية إلى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية وتخوِّف الناس منها، وتخشى من إقرارها، وتتحايل على ذلك بذرائع شتى خشية أن تقول ما تريد صراحةً عياناً بياناً وعلى رؤوس الأشهاد، ولا تجدنَّ هذه الأيام في أروقة الأحزاب المعارضة والقوى العلمانية إلا هذا الارتجاف والارتعاب والارتعاش من الشريعة، ويتجمع عدد ممن يسمون أنفسهم القانونيين ومن يلبسون لبوس السياسة، في مجموعات تحاول الاستعانة بالخارج للحيلولة دون صدور الدستور القادم الذي يقرُّ الشريعة مصدراً للتشريعات والأحكام لمجتمع مسلم في بلدنا الذي صارت فيه نسبة المسلمين تصل إلى 98 % بعد ذهاب الجنوب. فحديث نائب الرئيس القوي من الهلالية وهي منطقة تصوف ونار قرآن وإخبات وذكر، يلقي الرعب في قلوب الذين نافقوا، ويشفي صدور قوم مؤمنين، فإذا أرادت الإنقاذ تجديد ذاتها وتأكيد عهدها مع الله والناس، فلا مجال لها غير الانحياز للشريعة والوفاء بها، وألا تأخذها رأفة بمن يريد أن يطفئ نور الله، فلا تسويف ولا مجاملة ولا مداهنة، وستجد أن الشعب كله سيكون معها إن صدقت الله والشعب. فعلى الدولة بعد أقوالها أن تتبع ذلك أفعالها، وعليها العمل الجاد لتوحيد الصف المسلم في السودان بقواه الحيَّة وطرقه الصوفية وجماعاته الإسلامية وأحزابه التي لا تتنكب الطريق، وكل من أراد أن يلقى الله بقلب سليم، وتستطيع بهذا مجابهة كل المؤامرات ورد كل كيد.. والله أكبر فوق كيد المعتدي.