ü أدلى الفريق سلفاكير ميارديت رئيس حكومة دول جنوب السودان «باعتبار ما سيكون»، بصوته ورفع يده وراحة كفه مفتوحة وقد ضم أصابعه «شعار الانفصال»، إذ أن شعار «الوحدة اليتيمة» «كفتين متشابكتين».. ومسح «دمعتين» بمنديله الأبيض النظيف، ولم تتمكن الكاميرا من التقاط نزول دموع سلفا.. وربما استعان بالجلسرين، كما يفعل السينمائيون لإظهار الدموع عند التصوير. ü وقد ظلَّ طلب الانفصال على كل موائد التفاوض بلا استثناء، مع تعديل طفيف على مُسمياته أهو حق تقرير المصير؟ أم الدعوة لفصل جنوب السودان؟ وقد تركَّزت دعوة منبر السلام العادل بفصل الشمال عن الجنوب، وترسخت في الأذهان على أنها النغمة النشاز في لحن الوحدة وبرقها الكذوب.. لكن الجنوب وأهله كانوا يميلون للانفصال وكذا بعض أهل الشمال من مختلف الأحزاب منذ قبيل إعلان الاستقلال وحتى توقيع اتفاقية السلام الشامل بنيروبي يناير 2005م.. استهدف التمرد الأول المواطنين الشماليين بالجنوب من موظفين وتجار وأطفال ونساء، لا ذنب لهم إلا أنهم شماليون.. كتب الطلاب الجنوبيون بكلية الخرطوم الجامعية، جامعة الخرطوم في ما بعد، مذكرة إلى رئيس الوزراء نشرتها صحيفة السودان الجديد بتاريخ 4/9/1955.. حملت «تبريراً» لما قام به المتمردون الجنوبيون.. باعتبارهم «مقاومين» لمنع الشماليين من استرقاق الجنوبيين، وطالبوا في مذكرتهم سحب الشماليين جميعاً وترك الجنوب للجنوبيين.. ü الأرباب حسن محجوب مصطفى وزير الحكومات المحلية وسكرتير عام حزب الأمة - ورئيس تحرير صحيفة الأمة، قال في الجمعية التأسيسية في يناير 1968: «أنا لست من أنصار الوحدة بين الشمال والجنوب، ورأيي الشخصي أن الجنوب بعد هذه المرحلة يجب أن ينفصل، حتى لا نخدع أنفسنا.. لأنهم إن لم ينفصلوا اليوم فسينفصلون غداً، وخيرٌ لنا لعلاج مشكلة الحدود الكثيرة أن ينفصلوا ونكرمهم ويكرموننا، والخال ما بيقتل ود أخته.. والخال أحنَّ من الوالد.. وخير لنا من أن نصرف لهم المال ثم ينفصل الجنوب بعد داك».. وقد نشرت صحيفة الرأي العام هذا الكلام في حينه.. والشاعر الكبير يوسف مصطفى التني كان من دعاة فصل الجنوب. ü ولعل مؤتمر المائدة المستديرة الذي انعقد عقب ثورة أكتوبر في مارس 1965م على عهد رئيس الوزراء الأستاذ سر الختم الخليفة، وكان رئيس المؤتمر البروفسير النذير دفع الله وأمينه العام البروفسير محمد عمر بشير «رحم الله الجميع»، قد خرج صفر اليدين من أي قرارات حاسمة، بعد أن تصدى أقري جادين في حديثه بالمطالبة بالاستقلال عن الشمال، وقال إن أي حل لا يعتمد على حق تقرير المصير لن يجد قبولاً، لأن شمال السودان لا يحق له حكم الجنوب، وقال إن مقررات مؤتمر جوبا عام 1947م لا تمثل رأي الجنوبيين.. وكان السيد أقري جادين يمثل الجناح المتشدد في حزب سانو، والذي يمثل جانبه المعتدل السيد وليم دينق الذي كان يطالب بمنح الفيدرالية للجنوب وقد لاقى حتفه في حادث غامض بعد ذلك!! وطالبت جبهة الجنوب التي كان يمثلها السيد أبيل ألير بضرورة الانفصال.. واكتفت أحزاب الشمال الممثلة باقتراح نوع من الحكم الإقليمي.. ومع تطور المواقف اقتنعت الأحزاب بضرورة منح حق تقرير المصير لجنوب السودان بلا استثناء. ü وقد كانت الاختلافات بين الشماليين والجنوبيين في مؤسسات الحكم كالجمعية التأسيسية، حتى ان النواب الجنوبيين كانوا يعارضون فكرة أن ينضم السودان لجامعة الدول العربية أو أن يمرر البرلمان قانون مقاطعة إسرائيل.. ولم يكن الحديث عن الوحدة الجاذبة إلا مجرد تزيين لبنود الاتفاقية التي لاحت فيها الفرصة التاريخية التي كان أهل الجنوب في انتظارها وهاهي قد أتتهم كما أراد المولى عز وجل.. وأشرقت شمس يوم التاسع مع يناير 2011 من ذات المكان، وتوسطت السماء في ذات التوقيت، وتهادت نحو الغروب وأنا أسطر هذه الكلمات. ü تحدث الأرباب حسن محجوب مصطفى في منزل المرحوم حسين شكاك ببري أيام حكم النميري، وتحدث الناس عن بديل لنميري.. فقال الأرباب «كان هناك حاكم تركي يصلب أعداءه على «الخازوق» حتى الموت.. وخرج ذات يوم يتفقد ضحاياه.. فقال رجل على الخازوق عندما سأله الحاكم إن كان لديه طلب «عاوزك تفكني من الخازوق ده وتربطني في الخازوق داك» فقال الحاكم «ماهي كلها خوازيق؟» فقال الرجل «أنا بس عاوز إرتاح بين الخازوفين»، وأردف الأرباب قائلاً «النميري خازوق والبجي بعده خازوق، لكن يمكن البلد ترتاح بين الخازوقين». أرجو ألا يكون أهل الجنوب قد استبدلوا خازوقاً بخازوق. وهذا هو المفروض