دارفور أكثر الناس حرصاً على وحدة السودان. كانت همنا الأوحد وعايشنا ذلك الحرص في أواسط الستينات عندما كانت القيادة الغربية لها القدح المعلى في مسؤولية حفظ الأمن في جنوب السودان وبالمناسبة روح الجندية لها جذور ضاربة عند أهل دارفور حين عرفت دارفور الضبط والربط العسكري بعد دخول الجيش الإنجليزي المصري لمحاربة الشهيد البطل السلطان علي دينار واحتلال دارفور في 1/1/1917م- حينها برزت قوة نظامية ومنها قوة دفاع السودان في 1925م- بفرقة العرب الغربية بتشكيل بلوكات عسكرية G3 وG4 بالفاشر G5 بالجنينة، G6 بنيالا وأغاني الكاتم تؤرخ لأحداث الجنوب عند إشلاق الجيش بمدينة الفاشر «موسى سعيد الفتحو توريت» «قام سريع بلك المساعدة» وفقدنا في حرب الجنوب رجالاً لا يعوضوا وهذا ما جعلنا نكون أكثر حرصاً على السودان الواحد الموحد نقول ذلك ونحن نسمع هذه الأيام بأصوات تتحدث هنا وهناك عن أن دارفور قد تختار ذات الطريق الذي سار عليه الجنوب وكل الوقائع التاريخية تؤكد على وحدوية أهل دارفور منذ الأربعينات كل البطولات والتضحيات كان نصيب أهل دارفور فيها أكبر. وحرق علم الدخيل عند فاشر السلطان يكفينا فخراً. ü وبالنظر إلى وضع الجنوب نجد الاختلاف حيث إن الجنوب انضم طوعاً للشمال عام 1947م ونشب التمرد في توريت عام 1955م حيث إن سياسة المناطق المقفولة كانت أحد أهم الأسباب لعزلة الجنوب وتفسير ذلك الانضمام أن له ضرورة جغرافية واثنوغرافية فالجنوبيون لا يجدون أنفسهم في يوغندا أو كينيا لعل ذلك لا يتوفر لهم في مجمل المنطقة المحيطة بالجنوب فاتجاه الجنوب نحو الشمال أملته ضرورة العيش والأمن فالصراع الذي شهده السودان ليس أشد ضراوة من ذلك الصراع الذي شهدته قوميات بلجيكا على سبيل المثال لكن مصيبة السودان تكمن في أنه بلد أفريقي وأفريقيا مرشحة لانقسامات كثيرة وكبيرة بسبب مواردها الواعدة وهشاشة بناء الدولة الوطنية فيها كما أن الغرب يدخر موارد أفريقيا لنفسه. ü الاقتراع على تقرير مصير الجنوب انتهى مرجحاً اختيار الانفصال ولهذا أسبابه فالغرب وراء اختيار الجنوبيين للانفصال ولعل رحيل الدكتور/ جون قرنق الباكر كان الخطوة الأولى نحو الانفصال. اتفاقية السلام الشامل أوقفت الحرب وحقنت دماء أبناء السودان روح الاتفاقية وكامل أهدافها كانت تدعو للوحدة لكن الغرب أعد سلفاً لتمكين الانفصاليين فإن طغيان الأسباب الذاتية على الأسباب الموضوعية يعني أن هناك مصلحة خارجية تم تغليبها على مجمل المصالح الداخلية للجنوب لنفسه. الأستاذ/ علي عثمان صبر وقدم التنازلات من أجل الإخوان أبناء الوطن والشركاء في المعاش وفي السراء والضراء من أجل بناء سودان ينعم كافة أبنائه بخيراته ويجتهد الجميع في بنائه ولم يدخر وسعاً طيلة سنوات الفترة الانتقالية من أجل التطبيق السلس الذي يفضي لاختيار أبناء الجنوب للوحدة فالرجل نحن لسنا بصدد مدحه لكننا نشكر سعيه واجتهاده البائن فله منّا التجلة. ونعود ونقول إن الغرب لن يدع أفريقيا تؤسس حكماً وطنياً مستقراً يتناقض مع مصالحه لذلك نجده يحرص كل الحرص على قيام الاستفتاء في موعده رغم ضيق الوقت والصعوبات الكثيرة التي لازمت عملية الاستفتاء، فالغرب بهذا السعي يُريد فقط تعجيل قيام دولة الجنوب. كما أن حق تقرير المصير متى ما أعطي لأي إقليم أو جهة نادراً جداً إلا في حالة كندا أن يختار من تمتعوا بذلك الحق الوحدة لكن يعنيني أن الجنوب الذي سينفصل عاجلاً ما يختار الوحدة بضرورات البقاء والحياة وما يحدث الآن في الجنوب هو خدمة لأجندة خارجية لا علاقة لها البتة بمصالح الجنوبيين. ü ومن هنا نقول لم تأت من فراغ وإن المؤتمر الوطني كان يُدرك تماماً قيمة الذي منحه للأستاذ/ علي عثمان لإدارة هذا الملف الخطير والشائك بكل تقاطعاته فالمعروف عن الأخ/ علي عثمان أنه رجل يتمتع بقدر كبير من الصبر والحكمة والفطانة وتجلى ذلك في العبور السلس برحلة السلام حتى نهايتها في ظل الأوضاع العامة في السودان ومن بينها بروز مشكلة دارفور ولتسقط للأبد مقولة مولانا أبيل ألير في كتابه الشهير «جنوب السودان والتمادي في نقض العهود».