يقال إن أحد الصحافيين الجزائريين وفي أحد المؤتمرات الصحفية وفي إطار التعاطي بين السلطة الحاكمة والسلطة «الرابعة»، سأل الرئيس الجزائري «عبد العزيز بوتفليقة» وقال له «سي بوتفليقة إيش حال ثمن البطاطا؟ فذهل بوتفليقة للوهلة الأولى من جرأة هذا الصحفي، ورد على حميد العياشي بضحكة ساخرة تحمل كل دهائه الدبلوماسي، ملمحاً لمن يتهمونه بالعيش في سويسرا وقال «حاسين ما نيش عايش في البلاد ثمن البطاطا ثلاثة عشر دينار».. وكانت هذه الكلما ت الجريئة التي وجهها عبدالحميد العياشي للرئيس الجزائري خلال المؤتمر الصحفي بداية لعهد جديد ووعد جديد بتغيير بعض السياسات الاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطن الجزائري حتى يثبت بوتفليقة للصحفيين وللمواطنين بأنه عايش في البلاد ويدري كم يساوي ثمن البطاطا أو غيرها من السلع.. ولكن بعض الرؤساء العرب والأمراء العرب قد لايدرون أو لعلهم يتجاهلون! وشتان ما بين الجهل والتجاهل.. والراجح أن أحدهما أطاح بنظام الرئيس التونسي الذي يوصف بأنه دكتاتور الألفية الجديد.. زين العابدين بن علي..! يقولون أيضا إن الإنسان يقضي سنواته الأولى في تعلم النطق بينما تجعله الأنظمة الشمولية العربية يقضي بقية حياته في تعلم فضيلة الصمت ويا له من صمت مرير.. ولكن الناظر إلى ثورة الشعب التونسي يرى أن الفقر والجبروت الذي تمارسه الأنظمة الشمولية العربية قد يقمع الشعوب لسنوات وسنوات ولكنها بالطبع لا تستطيع أن تكمم الأفواه الجائعة، وما فتئ أهلنا يقولون إن «الجوع كافر» ولعمري فإن الجوع هو الكافر الوحيد الذي لايستطيع أحد أن يستبيح حرمته أو يهتك كرامته. يبدو أن ثورة الشعب التونسي وانتفاضته كان لها القدح المعلى في أن يعيد الكثيرون جرد حساباتهم فيما يخص السياسة التي يتعاطون بها مع شعوبهم، كما كان لها تأثير مباشر ودور مهم في نتائج القمة الاقتصادية العربية بشرم الشيخ والتي سعى من خلالها المؤتمرون لطرح الكثير من الرؤى والاقتراحات التي تعنى بتطوير الاقتصاد العربي وإيجاد الحلول الناجعة لسداد احتياجات المواطنين ومحاربة الغلاء.. وبرأيي فإن هذه الحلول قد تأخرت كثيراً.. رقص التونسيون بعد أن أتت انتفاضتهم أُكلها وتنفسوا الصعداء.. وقد رأينا الكثير من الدموع والحزن والتشنج بعد أن دفع الكثيرون حياتهم ثمناً لأحلامهم البائسة برغد العيش وزوال جبروت الحاكم وظلمه.. وإنهم حقاً الراقصون على الجمر.. جمر المعاناة والألم المرير.