لكل نظام حكم في العالم إيجابياته وسلبياته، ويتغنى مؤيدوه بالإيجابيات التي تتحقق، أما أعين منتقدي النظام تكون موجهة دائماً إلى السلبيات، ويظل السواد الأعظم من الشعوب بين مطرقة التأييد وسندان الانتقاد، خصوصاً حينما تطال السلبيات أمور حياتهم اليومية ومعيشتهم وقوت أطفالهم، وتؤكد التجارب أن نظام الحكم الواعي هو ذلك الذي يضع في اعتباره دائماً أنه المعني بأمن وحياة ومعيشة وسلامة مواطنيه والمعني بتوفير كافة سبل الحياة الكريمة والقوت اليومي للشعب الذي أؤتمن على قيادته وتصريف شؤون وطنه أو بلده، وهذه حقائق لا جدال فيها، لذا فالمطلوب من أي حُكم سواء كان ديمقراطياً أو عسكرياً أن يلتزم بهذه المطالب والمعايير والأسس والضوابط وأن يكون حريصاً على تأدية الواجب القيادي والوطني والسياسي والمهني والسيادي والمعيشي والحياتي للمواطنين. وبقراءة موضوعية للأحداث في العالم اليوم تتضح الرؤية وتتأكد المفاهيم والأسس التي يقوم عليها الحكم الرشيد، الذي يضع على قمة أولياته الوطن وسلامته والمواطن وأمنه وحياته وأعباء معيشته وقوت يومه، ويعمل جاهداً على توظيف كافة الأجهزة والوزارات والهيئات والمؤسسات وكافة متطلبات تهئية العيش الكريم للشعوب. ونحن في السودان حبانا الله سبحانه وتعالى بالكثير من النعم فوق الأرض وباطنها، وأقسم صادقاً بأن هذه النعم والإمكانيات هي سبب أطماع الدول وهجمتهم الشرسة على السودان، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل استطاعت حكومات السودان المتعاقبة على مر الزمان الاستفادة من هذه النعم والخيرات؟ الإجابة نعم، ولكن بدرجات متفاوته وبدون إستراتيجيات علمية وعملية تضمن استمرار العطاء واستمرار النماء، حيث يتبدل الحال بزوال نوع الحكم أو بانتقال دفة الحكم الذي ظل يتأرجح في السودان بين الديمقراطي والحكم العسكري، ولكل إيجابياته وسلبياته. ولكن حين تطغى السلبيات على الإيجابيات يجب أن يستمع الحزب الديمقراطي الحاكم أو المجلس العسكري الحاكم إلى صوت المواطن، وليس هناك ما يمنع مشاركة كل المواطنين بمختلف أطيافهم الحزبية بالكلمة والفكرة والنقد الهادف البناء والطرح الموضوعي لكل ما يطرأ من سلبيات على ساحة الوطن، والمشاركة الفعالة في هموم الوطن والمواطن بمصداقية وموضوعية وبدون تحيز أو تعصب أو تحزب أو انفصال، المطلوب من الكل المشاركة بشفافية وحرص وأمانة ومسؤولية، لأن الوطن للكل وليس قاصراً على حزب أو فئة أو جهة.. وتجيء وجهة نظري هذه ويعلم الله سبحانه وتعالى نبل الهدف وسلامة القصد، لا أريد من خلال ما أكتب أو أطرح أو اقترح أو أشارك إلا الحرص على الوطن وسلامته والمواطن وحياته وأمنه ومتطلبات معيشته وقوت يومه وأطفاله، وكل متطلبات الحياة الطيبة معيشياً واقتصاداً وصحة ونفسياً واجتماعياً وأمنياً، لأن الحياة لا يمكن أن تستقيم دون توفر هذه العناصر المهمة للحياة ولأمنه المستقر في وطن حباه الله سبحانه وتعالى بكل الخير وكل متطلبات الحياة، فالسودان بأمكانياته هو سلة غذاء العالم، والسؤال أين نحن من هذا الكم الهائل من الإمكانيات؟ ولماذا فشلت العديد من المشروعات، ومن هو المسؤول عن هذا الفشل، أو من هم المسؤولون عن الإخفاق؟ بل الإخفاقات في مجال الثورة الزراعية والثروة الحيوانية لماذا انتكس مشروع الجزيرة ولماذا اختفى شعار نأكل مما نزرع؟ هل تصحرت الأراضي الخصبة أم جفت مياه النيل والأمطار والمياه الجوفية أين هي النهضة الزراعية؟ وأجد نفسي أردد ما جاء بأعمدة بعض كتاب الأعمدة المتميزين، ولن أذكر الأسماء خوفاً من النسيان لأنني أريد أن أشيد بآرائهم وأفكارهم، بل ومقترحاتهم والتي أُويدها والتي تتمثل في تعيين وزراء أكفاء أمناء يضعون الوطن والمواطن على قمة اهتماماتهم ويؤكدون بالبيان بالعمل، والعمل الميداني المتواصل، أنهم أهل لهذه المناصب... كفانا تصريحات وكفانا مشاحنات وكفانا تصفية حسابات وكفانا غلاء وكفانا عناد ومناكفات عقيمة لا طائل منها، نريد طفرة لجميع الأحزاب طفرة وطنية تتعالى عن الصغائر والأحقاد وتثبت عبر خططها وبرامجها وطموحاتها أن الوطن فوق الحياة وفوق كل التحديات، الوطن هو الباقي والأهم، ونذكر الكل بأن عالم السياسة كما يقولون لا دوام فيه لصديق ولا عدو، أي لا صديق دائم ولا عدو دائم. وبهذا المفهوم نأمل تحقيق شراكة ومشاركة وطنية فعالة في حكومة ذات قاعدة وطنية وحزبية عريضة تعالج تحديات الحاضر وتلبي تطلعات الغد الواعد بإذن الله، كفانا انشقاق وفرقة وشتات، والوطن للجميع.. وسنواصل بإذن الله الأسبوع القادم.