الغش التجاري.. عدم مطابقة المواصفات.. جملتان لهما معنى واحد وفي ظني أنهما أصبحتا «الصفة الغالبة» لمعظم البضائع الموجودة في السوق على كل المستويات.. إذا كانت خدمة عينية أو حسية المهم أنها خدمة مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات.. وقد دار حديث كثيف حول هذه البضائع، وسئم الناس من البحث عن البضائع الأصلية وهم يقومون بشرائها إذا وجدوها مهما كان سعرها، لأن عمرها الافتراضي أطول.. ولعل أكثر ما يميِّز البضائع المغشوشة سعرها «الرخيص»، أولاً ثم تلفها الفوري أو بعد مدة غير متوقعة.. ولعل هناك من تراضوا على التعامل مع هذه البضائع.. على «مضض».. إلا أن ما أرعبني ما قاله رئيس لجنة الأمن والسلامة بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس آدم عبد المؤمن عندما حذر من «منظِمات»، بكسر الظاء، الغاز الصينية الصنع وخراطيش الغاز ذات اللون الأحمر والأسود والتي تسبب تسرب الغاز. كما أكد أن «90%» من أماكن وكلاء الغاز غير مطابقة للمواصفات.. هذا الحديث وأحاديث أخرى قالها المختصون في ملتقى جمعية حماية المستهلك حول مواصفات أنابيب الغار.. أظنهم كانوا يتحدثون وهم يتباهون بالمعلومات التي يعرفونها، وهي رغم خطورتها إلا أننا لم نرَ خطوات عملية لإصلاحها.. والحديث سادتي عندما يأتي من مختص عادي قد يعتذر ويقول إنه لم يجد أُذنا صاغية لحديثه رغم أنه مطالب بأن لا يكون شيطاناً أخرس، لكن الخطورة الحقيقية تكون في معرفة أهل الاختصاص والسلطة، فإذا كان رئيس لجنة الأمن والسلامة بالمواصفات ذات السلطات الممنوحة لها لحماية المستهلك من البضائع التي تدخل السوق، بل هو قادر على منعها قبل دخولها للسوق، بل وإبادتها أينما وجدها.. فهل كان ينتظر حتى تقيم جمعية حماية المستهلك ملتقاها حتى يحذر من الخراطيش السوداء والحمراء؟.. بل ويقول إن «90%» من مراكز وكلاء البيع غير مطابقة للمواصفات.. بالله عليكم ماذا كان ينتظر حتى يقول حديثه أو حتى يطلق تحذره؟!المعروف أن وجود أنابيب الغاز وسط الأحياء قنابل موقوتة وهي أخطر من الأسلحة الشخصية التي يحملها الناس، فهي بإمكانها أن تهدر أمن هذه الأحياء إذا كانت مطابقة للمواصفات فكيف إذا كانت غير مطابقة.. هذا بالإضافة إلى أنها يمكن أن تقتل أصحاب المساكن.. بصراحة الموضوع يحمل الغرابة كصفة ملازمة له.. ونحن الآن نطالب هيئة المواصفات بتوضيح هذا الأمر حتى يأخذ المواطن حذره.