سعدت إيما سعادة عندما علمت ان الأخ رئيس الجمهورية قد اختار توقيت زيارته للولاية الشمالية (محليتي الدبة وشرق القولد - القدار) ليتزامن مع ذكرى استشهاد رفيق دربه المشير الزبير محمد صالح الذي كان رغم نصائحه له، يواصل التسفار براً وبحراً وجواً إلى المدن والقرى والفرقان وإلى أدغال الغابات بحثاً عن سلام السودان حتى استشهاده، ولكنه بحمد الله وبزملائه من بعده قد تحقق، وإن جاء بعد رهقٍ وبكلفة باهظة جداً، إلا أنه كان وسيظل غاية في كل مكان وزمان. الأخ الرئيس لقد كان الشهيد الزبير يحدثنا دائماً في أنسه عن اهتمامه بقضايا الوطن عامة لكنه كان يسأل دائماً عن حال أهلنا في الشمالية وخاصةً المنطقة من جنوب ريفي كريمة وحتى منطقة السليم شرق دنقلا، هذه المنطقة التي أثر عليها جداً الامتداد الصحراوي الهائل بزحفه الذي قضى على الكثير من أراضيها الزراعية الضيقة أصلاً على النيل بالرغم من أن هذه الامتدادات الصحراوية قدأثبتت العديد من الدراسات صلاحية تربتها الزراعية، وهنا أذكر أخي الرئيس لقاءنا بسيادتكم وبحضور المرحوم مجذوب الخليفة في بيت الضيافة عند الساعة الواحدة صباحاً عام 2004 وكنا عدداً يفوق الثمانين قيادة متنوعة، ومن كل ألوان الطيف السياسي من الولاية الشمالية جئنا لنطمئن على بدائل التنمية في الولاية عندما صدر قراركم آنذاك بتعيين الأخ الحاج عطا المنان والياً على جنوب دارفور، ذلك لأنك في لقاءٍ جماهيري في افتتاح طريق شريان الشمال بالملتقى قد قلت للجماهير (أما في أمر التنمية بولايتكم فقد أوكلنا أمرها للأخ الحاج عطا المنان وشركة شريان الشمال التي أجدها أمامي بانجازاتها أينما ذهبت في هذا السودان، وأن هناك عدة طلبات وردتني من ولايات مختلفة يطلبونه والياً عندهم، ولكنني لم استجب لهم لأنني أوكلته وشركته لمهمة التنمية في الشمالية. الأخ الرئيس عندما التقيناك في ذلك اللقاء قلت (إن أبناء الشمالية ومنذ انطلاقة الانقاذ ظلوا يمسكون معنا بأصعب وأدق الملفات، فلا أقل أن نرد لهم هذا الاخلاص بعمل كبير في أهلهم هناك في القريب إن شاء الله، ولأن الشمالية مناخاً وأرضاً وبثقافة أهلها التاريخية، نطمع في أن تكون مكان إنتاج لكل غذاء أهل السودان ونتطلع لنهييء لأهلها زراعة 2 مليون فدان من أراضيها الممتدة في التروس العليا ولا تجد رياً الآن). سعدنا أخي الرئيس بهذه البشريات وفعلاً والحمد لله قد قام سد مروي مفخرةً وعطاءً لكل أهل السودان وأنسابت الكهرباء في الشمالية وفي أنحاء البلاد المختلفة وبنيت الطرق في الولاية فاستكمل طريق أم درمان وادي حلفا وانشئت العديد من الكباري التي ربطت بين الضفتين الشرقيةوالغربية من الولاية، فهذه بنيات أساسية لا تخطئها عين ولا ينكرها إلا مكابر ولكن يبرز السؤال أهي وسائل أم غايات؟ ففي تقديري أخي الرئيس أن الغايات هي تحقيق التنمية الإقتصادية التي يرتفع بها دخل الفرد وإيرادات حكومة الولاية ومن ثم ينصلح الحال في الصحة والتعليم وخدمات المياه وغيرها، والشمالية حتى الآن وإلى أن يمن عليها بأن تْلقى ما ببطونها من خيرات كثيرة متوقعة في مجالات التنقيب عن البترول والبحث عن المعادن ودخول مجال السياحة، ظل أهلها يعتمدون على الزراعة التقليدية الموروثة ولكنها ظلت وبتكلفة مدخلاتها وتدني انتاجيتها وبالسياسات الضريبية المفروضة أصبحت طاردة، وغير مشجعة، حيث أصبحت لا تفي باحتياجاتهم الضرورية أو خاسرة في أغلب المواسم. أخي الرئيس وليكتمل وعدك ووعد الحر دين عليه وأنت حر، فهلا وجهت بالإسراع لحفر «الترعتين» شرق وغرب النيل من خلف سد مروي لتنساب شمالاً لتروي هذه السهول الصالحة للزراعة الممتدة في التروس العليا على الضفتين فيشجع ذلك المستثمرين ويسهم في استقرار أهل الشمالية وعودة من هجروها، وهلا وجّهت ويسّرت إدخال الكهرباء في المشاريع القائمة حالياً على الأراضي الضيّقة التي تبقت بعد آثار الزحف الصحراوي والهدام؟ ولا ننكر أن هناك مجهودات بدأت بالولاية في هذا الاتجاه إلا أن إمكانات المزارعين وأصحاب المشاريع وخاصة الصغيرة منها لا تمكنهم من استكمال توصيل هذا المُدْخل المُهم لا سيما وهم المعنيون بالتوسّع في زراعة القمح وإنتاج الخضروات وإننا والله لنخجل في أن تُغطّى أسواق الولاية من الخضر حتى بالجرجير من العاصمة الخرطوم، بالرغم من كل ما هو معروف من المقومات الزراعية الموجودة في الشمالية، ولكن يعوق أهلها وسائل الري، والخضروات بالذات تحتاج للري المستمر وفي فترات متقاربة لا يتمكّن منها المزارع الصغير ولا توفرها له المشاريع الكبيرة في حواشته عند الميقات المطلوب. أخي الرئيس إن الولاية الشمالية ذاخرة بمكوناتها الغنية الثرة، وبإنسانها الصبور المؤمن وأظن أن الوقت وبمختلف المعطيات المستجدة قد آن لانتشالها لاسيما الضفة الشرقية من جنوب ريفي كريمة وحتى السليم وللأمانة أضيف إليها المنطقة الغربية من شمال ريفي دنقلا وحتى أرقين. أخي الرئيس ما أوردته هو جهد المُقل لنجعل من الزراعة في الشمالية أمراً ميسوراً لتعود مهنة كسب حلال ودخل مادي مبارك، لا مهنة يمارسها أهلنا وهم مضطرون ولتذهب الطرفة التي انطلقت في مرحلة سابقة وتصبح شيئاً من الماضي ذلك عندما كان الشهيد الزبير يُتابع بنفسه موسماً من مواسم إنتاج القمح في الشمالية وجاءت الطُرفة عند الحصاد تقول (يذهب ثلث للطير وثلث للاسبير وثلث للزبير والمزارع فاعل خير). أخي الرئيس يقول مثل أهلنا الشعبي في كردفان (الحاكم غيمة إذا ما بللك يظللك). والله من وراء القصد.