تعتبر الممثلة بلقيس عوض مرجعية للمرأة المبدعة في السودان فقدرتها على الإبداع ممتدة منذ الخمسينات في مجال التمثيل والمسرح، والى جانب موهبتها الفذة هي أول امرأة تتقلد منصب ضابط جمارك في وقت كان المنصب حكراً على الرجال فقط بإعتبار الجمارك أساساً حدود ليس للمرأة القدرة لتجاوزها، واستطاعت اقتلاع الفرصة كما قالت :(قلعتها قلع وما أخدتها بوحاتي ووحاتك )، وخلال الحوار التالي كشفت بلقيس الكثير وعلاقتها ب (علي عبداللطيف ) و(خليل فرح)، وقصة ولادتها في بيت جدها ركابي حيث موقع قاعة الصداقة حاليًا والعلقة الساخنة التي نالتها على يد أشقائها لمنعها من التمثيل على خشبة المسرح آنذاك و همومها ومتاعبها كامرأة شقت طريقها وتحديها للصعاب والكثير الكثير المثير : ليس لدي مشكلة في الدنيا غير أن عندي القدرة على العطاء وأنا عاطلة عن الأداء هكذا استهلت بلقيس الحوار بأسلوبها الشيق وتواصل حديثها لا توجد عندي أي مشاكل أخرى أنا أقيم وسط أهلي بالخرطوم (3) ، ونحن قرابة ال(28) أسرة كنّا نقيم في الخرطوم وسط شارع (الملك) السيد عبدالرحمن الآن وأنا ولدت في شارع النيل حيث حديقة جدي ركابي قاعة الصداقة الآن وانتقلنا لنمرة (3) و سمتنا سمة البيت السوداني الجميل الانسربت من بين الناس مثل تسرب الموية بين الأصابع ونحرص كأسرة ممتدة على اللمة أيام الجمع والعطلات وفي نادي الأسرة صغار كبار وعجائز، ونتعامل بحذر مع كل الأشياء الوافدة من إنترنت وفيسبوك وغزو فضائي وخلافه. بلقيس المبدعة والموظفة؟ أنا ممثلة من الخمسينات كما عملت في موقع آخر فأنا أول ضابط جمارك في1969 - 1970 وبصراحة ماأخذتها ب( وحاتي ووحاتك ) قلعتها قلع لأنّه ما كان فيه ضابط جمارك امرأة باعتبار أن الجمارك أساساً حدود ليس للمرأة القدرة لتخطيها. وماهي قصتك مع التمثيل وكيف اتجهت إليه ؟ لم اتّجه إليه فمنذ صغري وجدت نفسي ممثلة بالفطرة منذ الخامسة من عمري كنت في المدارس المصرية البعثة التعليمية المصرية كان أستاذ اللغة العربية أمين الهنيدي وأبولمعة الأصلي محمد المصري وكان موسيقار المدارس المصرية مصطفى كامل وعلمونا كيفية الرقص والخطوات وكيف نغني الشعر والغناء الوطني، وتم منحي جائزة البعثة التعليمية العربية في السودان وأنا في سن الحادية عشرة وتم منح نفس الجائزة للرجل للأستاذ محمد خيري أحمد سنة 1958،. وعند حضوري للمسرح القومي كنت ممثلة أصلاً أمثل في مسرح البعثة التعليمية النيلين، جامعة النيلين الآن وليس عمره 20 سنة النيلين عمرها 60 سنة وهي أقدم من المسرح القومي ب(20) سنة. حدثينا عن طموحاتك وهمومك؟ همي أن لا تكون مقولة الثقافة تقود الحياة كلاماً مكتوباً في الورق و شعارات، نريدها أن تتنزل للواقع هذه هي طموحاتي وهمومي. مصاعب واجهتها كأنثى خلال مسيرتك العملية؟ في مجال التمثيل كان عندي عرض في المسرح ، ولأن أهلي غير راضين عن عملي فلقد تم إغلاق الباب ومنعي من الخروج و تعرّضت للضرب من قبل إخواني وأولاد عمومتي وخيلاني واتحبست في الصالون ، ولأن زمن العرض حان فلقد هربت عبر الشباك وأوقفت سيارة النجدة وسألوني نوديك الشمالي ولا الجنوبي قلت ليهم القومي، وهي تضحك وتقلد ذات المشهد.. سألني باستغراب قال لي نعم؟ قلت ليه المسرح القومي، وتواصل في حكايتها، كان النظام وقتها أنه في تمام الساعة خمسة إذا لم يجتمع الممثلين لا يتم فتح الشباك، ولقيت الناس حدهم البحر . وكان اسم المسرحية (زهرة النرجس) ونلت فيها جائزة الموسم من هن أشهر بنات جيلك؟ لم يبق من بنات جيلي الكثيرات منهن من هاجرن ومنهن من رحل عن الدنيا وأبرز الأسماء نفيسة محمد محمود وتحية زروق وآسيا عبدالماجد نادية جابر هؤلاء هاجرن بخلاف الذين توفوا بنات المغربي سهام وليلى رحمة الله عليهن . كيف تستطيعي التوفيق بين عملك الإبداعي والمطار وشغل البيت والمطبخ؟ أنا طباخة من الدرجة الأولى أجيد صناعة كافة أصناف الطعام البلدي والأفرنجي، وأحياناً أكون بايتة في المطار وشغالة وردية من 9 مساءً وحتى السادسة صباحاً، عندما أحضر للبيت أقوم بتجهيز حاجيات المطبخ وعند الساعة العاشرة أكون في المسرح. موقف طريف في الذاكرة؟ ثورة النساء في دوكة التي أشعلنها في دوكة بالشرق ما علاقة بلقيس وعلي عبداللطيف وخليل فرح ؟ بيت جدي من جهة والدتي في شارع علي عبداللطيف قرب بيت علي عبداللطيف حيث ترعرعنا ونشأنا وكنت ألعب مع بناته وأخواته، وأنا دوماً أضرب المثل وأقول ليهم السودان الجميل سنة 1924 وحكت لي أمي في تلك البيوت التي لعبنا فيها إنو خليل فرح من حلفا وعلي عبداللطيف من نمولي ومعهم ثابت عبدالرحيم وعبدالفضيل الماظ من مواقع أخرى في غرب السودان وفي وسط الخرطوم وكانت قرب بيت ناس أمي صراية المشلية التي هي المحرض السياسي صالح عبدالقادر وعلي عبداللطيف كلهم كانوا يسكنون في هذه المنطقة الخرطوم وسط وقامت ثورة 24 والشاهد الكومنولث في جنوبالخرطوم من حلفا لنمولي السودان من 85 عاماً الحراك الثقافي كان في حلفا والبندقية كانت في نمولي وبحرقة بادية وأداء ثمثيلي عال قالت والآن الناس بيقولوا الجاذبة وما أدراك مالجاذبة «احيييا» يابت أمي خليني منهم. نصيحتك لبنات حواء؟ الزمن كالسيف إذا ما احترمته قطعك وتجربتي نموذج بين يديكم كنت أعمل في المطار وأبيت وأعمل في المسرح والإذاعة وفي البيت ده كلة بترتيب الزمن وهو من أجمل الأشياء. على مرافئ الختام؟ كلمة لكل أهل السودان احبوا هذا التراب احبوا هذا الوطن، ولكل المسؤولين في السودان لن تقوم دولة حضارية ما لم يهتم بالتأصيل الثقافي لهذا الشعب الرائع المتنوع إثنياً وعرقياً وثقافياً وبيئياً، الثقافة لا تقود الحياة فقط الثقافة هي الحياة.