تعليقاً على ما أوردناه في هذه المساحة وتحت «ذات العنوان» بقلم مجدي أبو الليل على صفحات الراية القطرية الغراء، فقد تمنيت أن لا يقوم «المصحح» بصحيفة (آخر لحظة) بتصحيح الأخطاء التي وردت بالمقال المذكور، والتي تدل دلالة قاطعة على جهل الكاتب بأسماء القبائل التي يدعي أنها «مصرية»، فهو يقول «العبايدة» ويقصد العبابدة ويقول «البشايرة» ويعني بهم البشاريين.. ما علينا. أعلم يقينا بأن الحديث عن «حلايب» «بتوِّر وجع ضرس» الحكومة عدنا، فهي ما فتئت تتحدث عن أن حلايب هي منطقة تكامل سودانية مصرية، ولم يحدث البتة أن تحدث مسؤول مصري عن «فكرة التكامل» هذه، والتي لا توجد إلاّ في أذهان المسؤولين السودانيين. ومن الغريب أن تصمت أجهزتنا الدبلوماسية والإعلامية عن الحملة المنظمة التي تقودها بعض الأقلام المصرية، ويرفدها بالآراء والتحليل بعض المفكرين المصريين أمثال هاني رسلان الذي يعتقد الكثير من السودانيين بأنه صديق ومدافع عن قضايا السودان. يقول السيد رسلان: «من أراد من سكان حلايب التصويت في الانتخابات السودانية فعليه أن يعبر الحدود كي يصوت في السودان!! حلايب تحت السيطرة المصرية والحكومة السودانية تعاني من ضعف شديد.. الحديث عن التحكيم الدولي محض هراء لأن هذا التحكيم يكون على مساحة تساوي ضعف مساحة لبنان وهذا كلام لا يمكن لمصر قبوله!! لأن حلايب وشلاتين تقع ضمن السيادة المصرية».. هذا كلام لا يمكن تصديقه من جانبي شخصياً أن يصدر من الأستاذ هاني رسلان، لا لمجرد تعاطفه مع قضايا السودان ولكن لأن مثل هذه المبررات الواهية لا تشبه رجلاً عميق التفكير واسع الاطلاع موضوعي الطرح، ويعمل في مؤسسة الأهرام التي لا تعوزها المعلومات ولا تنقصها الوثائق ولا تفتقر للخبراء. سألت د. مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية عن رأيه في هذا الموضوع، فقال: هذا سلوك الاستعمار!! وميلاد حنا لم يقطع بمصرية حلايب وشكك أن تكون لدى مصر «وثيقة» تثبت ذلك، لكنه بالمقابل لم يجزم بسودانيتها ولم يجزع عن ذهاب القضية للتحكيم الدولي.. أما وحيد رحمي ومن موقعه كأمين للحزب الوطني المصري بحلايب، فقد زعم بوجود وثائق تثبت أن حلايب مصرية وأشار إلى أشياء أخرى لا قيمة لها في إثبات الحق أو زعم الباطل. أنا لا أود أن أنكأ جرحاً لكن «إذا ما الجرح رُمّ على فسادٍ تبين فيه إهمال الطبيب»، ويتبدى هذا الإهمال عندما يقول الصحفي أبو الليل بأن سفيرنا سعادة الفريق أول ركن عبد الرحمن سر الختم رفض التعليق، وأن مستشاره الإعلامي د. عبد الملك النعيم قال: إن السفير غير جاهز الآن للحديث حول موضوع حلايب!! غير جاهز كيف يعني؟ فالسيد السفير استعد لتولي مهامه استعداداً طيباً واستغرق ذلك وقتاً كبيراً.. ونعتقد بأن «ملف حلايب» من أشد الملفات سخونة في العلاقات السودانية المصرية، ولسنا من دعاة إثارة الفتن النائمة لكن ينبغي أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال، «كقبيلة النعام» التي يسخر منها الأستاذ الطيب مصطفى صبح مساء، وأحتفظ شخصياً بعلاقات طيبة جداً مع بعض الإخوة المصريين رسميين وشعبيين وأحب مصر جداً، لكنني أحب السودان أكثر وأميل مع الحق حيث مال، فإن كانت حلايب مصرية بالحق فبها ونعمت مبروك عليهم.. أما إن كانت سودانية كما نؤمن ونعتقد ونجزم فإن دولتنا وحكومتنا يجب أن تفعل شيئاً يعيد الحق إلى نصابه ويقفل هذا الباب «البيجيب الريح»، فالأمر جد.. والدعوة للحوار في هذا «الأمر» الذي تتجنبه أية مباحثات رسمية، فإنه لا يزيد عن محاولة تغطية النار بالقش، وهذه من أفعال الحمقى ونربأ بقادتنا من ذلك. وللإعلام عامة والإعلام الخارجي خاصة والملحقيات الإعلامية دور ينبغي أن لا نذكرهم به، فهذا هو عملهم الذي يأكلون منه لقمة عيشهم ناهيك عن الواجب الوطني والرسالة.. ما يدور في الوسائط الإعلامية الخارجية عن بلادنا مثل التركيز على موضوع حلايب في صحيفة الراية القطرية، ثم لا ينبري أحد للرد الموضوعي وبيان الحقيقة فذلك نكوص عن الدور وسكوت عن الحق وعجز غير مبرر. كان أحد رواد المجالس القروية وهو رجل يفاخر ببطولات زائفة، ويحكي عن نفسه قصصاً خيالية يعرف مجالسوه أنها محض خيال، وكان يختم حكاياته دوماً بالقول «أنا والله لما أزعل صعب خلاص»، فقال له أحدهم: ولكن إنت بتزعل متين؟؟ وهذا هو المفروض.