وجد نظام الكفيل الذى تنتهجه الدول الخليجية استهجاناً من معظم الأجانب الذين يعملون فى هذه الدول فى القطاع الخاص أو القطاع العام وعملت بعض الدول الخليجية على تغيير هذا النظام بعدما انتقدته منظمة العمل الدولية واعتبرته عودة لزمان الرقيق. نظام الكفيل يجعل من العامل أسيراً لدى مخدمه يتحكم فيه ويجرده من حقوقه الإنسانية ولايعطيه حق إبداء الرأي أو الشكوى من أى ضرر يلحق به . النقد الذى وجه لنظام الكفيل من المنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية وكذلك من بعض وسائل الإعلام فى الدول العربية التى تأثر مواطنوها بهذا النظام بدأت دول الخليج تتخلى عنه وبعضها خففت من تسلطه على العاملين المتأثرين به خاصة وأن هذا النظام يخالف نص المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأممالمتحدة فى الأربعينيات الماضية . وفى السودان تمارس بعض الوكالات التى تعمل فى مجال استخدام العمالة الخارجية هذا النظام حتى يومنا هذا بعد أن تخلت الدول التى ابتدعته عنه أو على الأقل بدلته بنظم أخرى . وللأسف فإن الذين يديرون هذه الوكالات مشرفون من جنسيات غير سودانية يستجلبون العمالة من بلادهم ويدخلونها الى البلاد بطرق غير شرعية ثم يعقدون الاتفاقات الشفاهية مع الراغبين من المخدمين للعمل معهم نظير رواتب شهرية يكون لهذا المشرف والوكالة نصيباً منها واجب السداد من العامل أو العاملة التى تم تهريبها للعمل بالبلاد. الظروف التى يعيش فيها هؤلاء حسب علمي ظروف بالغة السوء إذ يتم تكديسهم فى منازل طرفية تفتقر لأبسط الخدمات حتى ينتقل الواحد تلو الآخر الى مخدم يعمل فى خدمته . هذه المكاتب موجودة فى الكثير من أحياء الخرطوم وعلى مرأى ومسمع السلطات المختصة التى تركت الحبل على الغارب لهؤلاء الأجانب الذين يتجارون فى بني جنسهم على أرض بلادنا مما يهدد السلام الاجتماعي خاصة وأن هؤلاء لايحملون التصريح بالإقامة النظامية . وكالات أخرى اتفقت مع بعض السفارات ووكالات تخديم خارجية تتعاقد مع كوادرنا المهنية والفنية بثمن بخس وتتقاضى عن توفيرها لعقود عمل لهذه الكوادر مبالغ طائلة بدءاً من تعبئة استمارة تأشيرة الدخول التى تتقاضى على تعبئة بياناتها مالايقل عن الخمسين جنيهاً سودانياً وقبل هذا وذلك لاتوفر هذه الوكالات لكوادرنا المؤهلة الوظائف اللائقة بها والأمر كله تجارة فى البشر كما ورد على لسان السيد آدم حمد محمد وكيل وزارة العمل أول أمس الذى ذكر فى دورة تدريبية اقامتها الوزارة أن بعض الوكالات العاملة فى استخدام العمالة السودانية واستخدام العمالة الاجنبية لها علاقة بتجارة البشر باستخدام أجانب بلا مؤهلات ودون حاجة سوق العمل وهدد هذه الوكالات بأن وزارته لن تكتفي بسحب رخصة المكتب فقط بل ستقدمها للعدالة . ويبدو أن وزارة العمل بدأت تستشعر هذا الخطر على العمالة السودانية ومن العمالة الاجنبية المستقدمة . السنوات الأخيرة شهدت دخول اعداد كبيرة من الراغبين فى العمل ببلادنا حتى فاضت مواقع العمل عنهم وصارت الخرطوم تشابه الكثير من المدن الخليجية التى يجلس فيها العمال على الطرقات ينتظرون من يشغلهم فى أعمال يومية كما لاحظت أن البعض من هؤلاء بدأ يستنجد بالصحف الإعلانية لعرض خدماته للبحث عن عمل. قبل أيام وفى خط مواصلات أم درمان لقن ركاب حافلة أحد العمال من دولة شقيقة درساً بليغاً وأوسعوه ضرباً مبرحاً لاختلافه مع الكمساري فى رد مبلغ متبقى له وعند إعادته له قام بتمزيق الجنيه السوداني الذى رده له ورمى به على الأرض فانتصروا لعملة بلادهم ولكرامتها ولولا تدخل أولاد الحلال لحدث له ما لاتحمد عاقبته . كل من يأتي عاملاً أو ضيفاً لهذا البلد لن يجد إلا الاحترام وحسن الضيافة إلا إذا تعدى حدود الإحترام للبلد ولأهله فسيوسع ضرباً ويسلم للشرطة لترحيله الى بلده الذى أتى منه.