وطل العريس المغترب فرحاً سعيداً، فلقد طالت فترة غيابه عن الوطن والمفاهيم القديمة مازالت فى خاطره، وهى أن فتيات بلده يعشقن السفر والرحيل..الاغتراب كان حلماً لمعظم آنسات وطني وكان أكبر همهن ذلك، وفرحتهن بالعريس المغترب لا تضاهيها فرحة، فتركوا كل الأحلام ولاذوا بالفرار لبلاد الاغتراب، دون اكتمال ماتركوه خلفهم من تحصيل علم أو تخرج أو اكمال خدمة ما ..المهم... بدأ عريس الغفلة يدق الأبواب، وهو فى حالة مرور عام ليتم الاختيار على المواصفات المدونة فى ذاكرته وذاكرة سنين اغترابه، تفاجأ أيما مفاجأة بأن الفتاة السودانية وبنت البلد، ماعاد همها ذلك الحلم الذى من أجله يمكن أن تضحي بعلمها وكل شهاداتها، ولم يعد يهمها السفر والاغتراب والعودة بالأيدي المليئة بالذهب والبوبار لنساء الأهل والجيران والعودة مرة أخرى، وهكذا حتى ينقضي العمر، وهي بين الحقيبة الممتلئة بالهدايا والمعصم الممتلئ بالذهب . تقدم العريس المغترب لفتاة أعجبته في جولة مروره الصباحية والمسائية، وإذا بالاعتزار: (أنا موافقة مبدئياً ولكن بشرط لازم أكمل السنة الأخيرة للجامعة قبل اتمام أي ارتباط)، والفتاة الأخرى التي وقع عليها الاختيار، إذا بإعتزارها يأتي قوياً: (باقي لي شهران لإتمام الماجستير لا استطيع أن أرد عليك إلا بعد أن أعرفك كويس، دا زواج ما لعب) وتقدم عريس الغفلة للفتاة الثالثة، واثقاً من نفسه فهو مغترب وهذه ميزة كما يظن ولا يحتاج معها لأي ميزات أخرى.. العروس اللي عليها العين تعمل في إحدى المصارف: (أنا ما حأقدم استقالتي حأخد إجازة بدون مرتب.. الظروف ما مضمونة إندهش العريس الواثق من نفسه.. ماذا حدث لفتيات بلادي؟ وأين رونق العريس المغترب ولماذا خبأ؟ بريقه؟ الذي كان طلبه مجاباً دون شرط أو قيد. وإذا كانت في أرقى الكليات وأكبرها، فإذا بها تلوذ بالفرار دونما حتى أخذ إذن من إدارة الجامعة أوالعمل ويتم الفصل بعد الغياب طويل الأمد .دوام الحال من المحال..فتاة اليوم كلها حلم ومسئولية تجاه نفسها وأسرتها، وخطت كل المجالات، فهي طبيبة ومهندسة، وأستاذة ومشرفة وعاملة وسيدة أعمال وصحفية وصاحبة شركة ومحطة وقود ووزيره......و...و........ تعلمت المرأة السودانية الدرس ممن سبقنها وبعن اي شيء من أجل الرحيل.. فلقد عدن وخيبات الأمل على أغلبهن، وحسرة على تركهن أعمالهن، ومقاعد دراستهن، ويكون العود ليس أحمد اً بعد الفشل فى الإستمرار أو ظروف الحياة في بلد الغربة.