إبراهيم خوجلي درة توتي الوهاجة جاء من تلك الجزيرة التي حفها النيل فسقاها من فيوضات خيراته فاستلهم من عنفوانه مصدر وحيه.. سقاه حبابه فسكبه ولعاً فسكرت توتي من ترانيم غير مألوفة وصوت مدوزن أتى من وادي عبقر فاحترقت الآهة من رجع المندلين.. واستنزفت الضفة كل الشجن والحنين. وقف (متولي عيد) على شباك الفصل في بيت الأمانة المتوسطة بعد أن شده صوت عذب يتغنى (بوطن النجوم أنا هنا) وكان يعني ما يقول.. فقد حلق مع النجوم وقال للكون أنا هنا.. وقال (متولي) مكان الفتى ليس هنا، بل في الإذاعة..!بدأ مردداً لأغاني الحقيبة التي تاه في مجاليها وأكسبها رونق الصوت وحلاوته قبل أن تنفجر في دواخله موهبة الشعر والتلحين.. فكتب أول أغنياته (ولا عليك).. وتبعها (بجدي الخدور).. ثم تعرف على الشاعر حسن الزبير الذي أهداه أغنية (أسالمك كيف) وآخر شوق..! وكان (محمد خوجلي صالحين) مدير الإذاعة آنذاك يعشق صوته فأجازه كفنان إذاعي دون مثوله أمام لجنة إجازة الأصوات.. وكانت تلك سابقة لم ينلها فنان غيره! وحلق بعدها طائر (توتي) المغرد ورف بجناحيه على أزاهر الإبداع وارتشف من رحيقها خلاصة التسنيم.. فأهداه شاعرها (بر محمد نور) أغنيتين.. أفكاري تايهة بين أوصاف عديدة وظهرت في قوافي وفنون جديدة وسيد الذكرى الليلة وصفك حير الفكرة يا جميل يا سيد الذكرى جود وارحم بلقاك مرة.. بعدك أورثني الحياة المرة بهدي ليك أشواقي يا درة والمحبة المخلصة الحرة والتي تغنى بها أيضاً (صناجة المحس) حمد الريح.. وسجلها بادي محمد الطيب للإذاعة..! وعاد وارتشف من ود الرضي ولحن سرور أغنية المرنوعة.. وزي شمس الغمام في طلوعا أخضر لونا أخضر تاج خل يظهر لك استنتاجا الألوان جميع ونتاجا كلها للخضار محتاجة وتكالبت الحسان على حفلات (إبراهيم خوجلي) ينهلن من ود أغنية (آمنة) التي كتبها عبد الرحمن شرفي وغناها التوم عبد الجليل قبل أن تفضح ملكات (إبراهيم) اللا محدودة في مدى التطريب: آه أنا من عذابك وإنتي لاهية وآمنة تلعبي بالقلوب مستأمنة ومطامنة وكت روحنا أسرتيها وملكتي ذمامنا خافي من حساب رب العباد يا آمنة وانتفض توأم المندلين بثورة لحنية مغايرة تنم عن نفس مؤهلة مصاغة إبداعياً لا تستطيع وأنت تسمعها أن تتبرأ من صبوتها أو تركل عشق تميزها.. لقد زفر آخر أنفاسه بأغنية سيبي دربي خلاص كفاية .. أضيع معاك وتضيع خطايا فما ضاع ولا ضاعت خطاويه وهو يترنم بكلمات مجدي سيد أحمد بعد أن لحنها إبراهيم الذي ما فتيء يوغل في القلوب تبريحاً.. وتوتي وكل مدن السودان تجمع على مر الأعوام (أصلب اللبنات لتبني لذاك الصداح وكراً).