بالأمس أشرنا فى هذه المساحة أننا لانحسن التوثيق ولانهتم بالكتابة وأن منتدياتنا على الهواء وحلقاتنا الدراسية شفاهية وأن قياداتنا السياسية والتنفيذية تستعرض قدراتها الخطابية حتى فى افتتاحات المؤتمرات والندوات العلمية الإقليمية والدولية مع العلم أن خطاب الافتتاح وكلمات التشريف المكتوبة تكون من الوثائق المهمة لهذه المؤتمرات والندوات التى قد يجد منظموها حرجاً فى طلبها من بعد ذلك. اليوم نؤكد أننا أمة لاتحسن القراءة والتدقيق فى النصوص خاصة السياسية ولانقول الفهم فالسودانيون عرفوا بحسن الفهم اشارة وتصريحاً وهناك فرق بين القراءة الدقيقة وفهم النص. بين يدي دراسة قانونية عن الجوانب القانونية فى قرار مجلس الأمن 1593 الصادر فى 31 / 3 / 2005م حول قضية دارفور والدراسة التى أعدها مولانا عبدالله أحمد عبدالله قاضى المحكمة الدستورية صدرت فى كتاب منشور بعد شهرين فقط من صدور القرار نشرته الدار القومية العربية للثقافة والنشر فهو لم يكن دراسة خاصة ولامنشور قضائي وإنما منشور عام يستطيع كل مهتم أن يطلع على محتوياته . وأهمية الدراسة أنها صادرة عن قاضى محكمة دستورية تمرس فى العمل القضائي داخل وخارج السودان وتتدرج فى المحاكم السودانية من مساعد قضائي الى قاضى محكمة عليا ومحكمة دستورية خبراته ومؤهلاته وسيرته تؤهله لأن يكون مايصدر عنه محل احتفاء واهتمام خاصة إذا كان موضوعه قرار مجلس الأمن الدولي 1593 الذي تساءل كاتب الدراسة القانونية هل هو جزء من الحل أم تعقيد للنزاع. يقترح مولانا عبدالله أحمد عبدالله فى دراستة القانونية المشار إليها والتى عنيت ببيان الجوانب القانونية لقرار مجلس الأمن الاجراءات التى يتعين على السلطة اتخاذها إذ يقول انرى أن يستفاد مما للقضاء الوطنى من ولاية تسبق ولاية المحكمة الجنائية الدولية وبما أن أختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليس اختصاصاً يعلو اختصاص القضاء الوطنى ترى هذه الدراسة أن تشرع السلطة الى اتخاذ الخطوات التالية: تشكل لجنة تحقيق خاصة بالجرائم المشتبه وقوعها فى دارفور تحت قانون تحقيق الجانيات 1954 مقروء مع قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991 يضم إليها اختصاصيين فى الطب الشرعي وآخرين من المعامل الجنائية من السودان بمشاركة مندوب من الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والإتحاد الأوروبي فى مجال التحقيق . تشكل محكمة جنائية خاصة من ثلاث من كبار قضاة المحكمة العليا ( رئيس وعضوين ) من المتمرسين فى المجالين الجنائى والمدني لما لمثل هذا النوع من القضايا من تعقيد ويمكن للمراقبين حضور جلساتها . تباشر المحكمة الجنائية الخاصة اجراءات المحاكمة وفقاً لقانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م وقانون الإثبات وتعمل بإختصاص المحكمة الجنائية العامة فى إصدار الأحكام . تستأنف احكامها لمحكمة استئناف جنائية خاصة تشكل من خمسة قضاة من قضاة المحكمة العليا تباشر مهامها وفقاً لقانون الاجراءات الجنائية فيما يتعلق بإجراءات الإستئناف ويكون حكمها نهائياً . تصدر أوامر التشكيل فى الحالتين من رئيس الجمهورية للأهمية التى يوليها المواطنون والمجتمع الدولي لهذه القضية . تشكل لجنة من الإختصاصيين للنظر فى تعديل القانون الجنائي لسنة 1991م لإضافة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية . توصية أخرى فيما يتعلق بالمحاكمة : يكلف رئيس القضاء ثلاثة من قضاة المحكمة العليا كل قاض منهم يتول محاكمة عدد من المتهمين المزعوم ارتكابهم جرائم فى دارفور لاسيما وقاضى المحكمة العليا يمكن أن يمارس اختصاصات وسلطات قاضى المحكمة العامة المادة 21 «3» من قانون السلطة القضائية لسنة 1996م بتعديلاته . تستأنف الاحكام والأوامر والقرارات التى يصدرها كل قاض أثناء المحاكمة المشار إليها فى الفقرة (أ) وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م فيما يتعلق بقواعد الإستئناف المنصوص عليها (إستئناف الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة من قاض المحكمة العامة بصفة إبتدائية) . ظنى أن لو قرأنا أو استمعنا للرأى والنصح لكان الاتجاه ليس كما بدا من بعد ذلك ونرجو أن يستفيد السياسيون والقيادات من الناصحين لا الصائحين . يروى أن الشعبي مر بإبل قد فشا فيها الجرب وقال لصاحبها أما تداوى إبلك فقال أن لنا عجوزاً نتكل على دعائها فقال إجعل مع دعائها شيئاً من القطران .