يقولون إن عقل الطفل.. مثل جلد الحيوان.. يمكنك أن تصنع منه فردتي «حذاء».. أو سجادة للصلاة.. وهذه المقولة الشائعة.. كانت الدافع الرئيسي لعدد من العلماء ومن بينهم العالم السويسري «جان بياجيه» ليقضي ستين عاماً من عمره في دراسة عقل الأطفال.. وعالمهم البريء.. ليثبت بالبرهان التجريبي أن الطفل ليس نموذجاً مصغراً من الشخص الراشد.. وأن عقله ليس كعقل الإنسان الراشد على نطاق مصغر.. ليدحض بذلك الكثير من النظريات الخاطئة لمن سبقوه في هذا المجال.. إذ استطاع «بياجيه» أن يثبت للعالم أن البيئة والوراثة والنشأة قد تؤثر سلباً أو إيجاباً في التكوين السيكولوجي للأطفال. لقد أحدثت بحوث «بياجيه» انتقالاً مهماً ونقلة تاريخية في دراسات علم النفس لتفكير الأطفال.. وتحديد مراحل نمو عقولهم منذ مرحلة التفكير الحدسي.. ومن مرحلة القدرة على استخدام التفكير المنطقي والمجرد. ü رغم أن دراسات «بياجيه» لعالم الطفل في مطلع القرن الماضي.. أصبحت مرجعاً رئيسياَ ومهماً لعلماء التربية والسايكولوجي في جميع أنحاء العالم.. إلا أن البيئة والنشأة التي تحدد ملامح سلوكيات أطفال هذا الزمان.. تدعو للتأمل والتقصي.. ونظريات أكثر تطوراً من نظريات «بياجيه».. لأنه ومن واقع تجاربي الشخصية فإن عقل الأطفال قد أصبح أكثر من مجرد نموذج مكبر لعقل الإنسان الراشد! ü ولأن الشيء بالشيء يذكر.. فإن الاهتمام الإعلامي بالطفل السوداني.. يبدو ضعيفاً.. رغم المجهودات الواضحة والمقدرة.. ولكن فيمار يبدو فإن برامج الأطفال التي تقدمها بعض القنوات المتخصصة هي الأكثر متعة وجذباً لإثراء مدارك الأطفال وشخذ خيالهم.. والكثير من الآباء والأمهات يجأرون بالشكوى لأن الإعلام السوداني لا يفرد المساحات الزمنية الكافية لبرامج الأطفال ولا يهتم بتطويرها.. وهذا الاتهام خطير وقد يستدعي الانتباه والوقوف والدراسة من القائمين على أمر الأجهزة الإعلامية المحلية لحماية أطفالنا من بعض الثقافات الوافدة والهدامة.. وإن كان وجود مثل هذه الثقافات وانتشارها له ما يبرره.. وهو الاتهام الموجه لثقافتنا المحلية بأنها غير مواكبة لاحتياجات الأطفال.. ولا تشجع رغباتهم المتلهفة.. لتلقي كل ما هو جديد.. في مجالات عدة.. تشمل التربية والآداب والثقافة والفنون المختلفة.. وحتى أمور الدين والدنيا.. فبالله عليكم كيف تسمحون لثقافتنا أن تأكل من فتات الآخرين؟!