يعتبر الشيخ بابكر بدري هو رائد تعليم المرأة في السودان وافتتح أول مدرسة خاصة للبنات عام 1910م في وقت كان فيه السودانيون يتوجسون خيفة من تعليم المرأة، وتحدى المعارضة الكبيرة التي وجدها وقتها، وتدرجت مدارس الأحفاد إلى أن أصبحت الآن جامعة متكاملة يشار إليها بالبنان منذ تأسيسها عام 1966م وحتى الآن خرجت آلاف الطالبات من مختلف الكليات بعد تأهيلهم بصورة علمية ومجتمعية متكاملة ساعدتهم كثيراً في اثبات وجودهن في شتى ساحات العمل، حتى أصبح حلم جميع الأمهات أن تلتحق بناتهن بالأحفاد وانتقل هذا الاحساس والحلم الجميل إلى أبعد من ذلك وأصبح يردد بأصوات المطربين والمطربات يشدون غزلاً في الأحفاد حتى صارت مضرباً للمثل. وحقيقة زاد اعجابي بالأحفاد ووصل مرحلة الإدهاش والإبهار ولا أبالغ في هذا الوصف بعد ما شاهدته عيناي لمدة ثلاثة أيام متتالية بعد دعوة كريمة تلقيتها لحضور فعاليات أسبوع المرأة والذي جاء تحت شعار (فرص متساوية وحقوق متساوية للجميع) وتمنيت أن ينقل هذا الشعار إلى أرض الواقع بعد ما شاهدته من أبداع منقطع النظير من دراما حقيقية جادة ومميزة أعادت لي الأمل في أن تنتعش الدراما السودانية مرة أخرى وتخرج من هذا الخمول بأقدام بنات الأحفاد ولا أقول عنهن واعدات بل أقول نجمات لأنهن أفضل من كثيرات امتلأت بهن ساحات الدراما السودانية وأصابنا أداؤهن بالملل، فلو تم عرض مسرحية (الحجل بالرجل) مثلاً والتي قدمتها طالبات كلية التنمية الريفية بالجامعة ،في المسرح القومي لأدهشن الجميع بأدائهن المميز وفيه رسالة سلام تجتمع تحتها كل مدن وقبائل السودان، الشيء الذي عجز عنه نجوم الدراما السودانية، فهن نجمات ومستقبل مشرق للدراما ولكن من يرعاهن بعد الجامعة.. أما الأداء الموسيقي من كورال الكليات عموماً فهو عالم جميل بكل ما تحمله هذه الكلمة ويعطر الأسماع ويضم العديد من المواهب الغنائية المميزة على سبيل المثال الطالبة هناء محمد الشهيرة (بهنو) صاحبة الصوت الطروب والأداء العذب الذي يعطر الآذان بعيداً عن تفريخات برنامج (نجوم الغد) عديمة الموهبة.. وكذلك الحال في مجال الشعر والنثر وطريقة الإلقاء المدهشة، بجانب أداء مذيعات الجامعة المميز باللغتين العربية والانجليزية اللاتي لو اتجهت إليهن قنواتنا وإذاعاتنا المحلية لكانوا أفضل لها من مذيعات الديكور ومذيعات الضحكات الأثيرية.. والأروع من كل ذلك هو مسابقة الاهتمام بالبيئة الجامعية ونظافتها وترتيبها بأشكال يدوية رائعة لو رأها السيد معتمد أم درمان لعكسها على محليته.. وحقيقة أرفع قبعة الاحترام والتبجيل لمفجر مواهب الطالبات البروفيسور قاسم بدري مدير جامعة الأحفاد للبنات بتوفيره لهن كل المعينات اللازمة للإبداع حتى يستعدوا لأسبوع المرأة بالصورة المثلى ويستجلب لهن الخبرات التدريبية في كل المجالات ولجنة تحكيم مميزة وراقية لاختيار الكليات المتفوقة، ويصرف عليهن ببذخ ليثبت للجميع بأن الأحفاد ليست جامعة استثمارية بل تربوية، والأهم من كل ذلك هو أن قاسم بدري نجح فيما فشلت فيه كل الجامعات ألا وهو ربط الأسرة بالجامعة بصورة تستحق الإشادة والتقدير. ولفت نظري الأسلوب التربوي الأبوي الذي يتعامل به البروفيسور الشاب السموءال خليل مكي عميد كلية التنمية الريفية بدعمه لطالباته معنوياً ومادياً ويرعاهن بصورة كاملة فهو مثال يجب أن يحتذي . وأخيراً لا أستطيع إلا أن أقول كلمة حق بإن الأبداع الحقيقي شاهدته في الأحفاد فهي عالم جميل ممتليء بكل ضروب الإبداع.