افتقدنا لسنوات عديدة المنافسات الحقيقية بين الجامعات والكليات بالبلاد، والتي ترفد الساحة الثقافية بالعديد من المواهب في شتى المجالات من غناء ومسرح وشعر ونثر، رغم أن جامعاتنا حُبلى بالمواهب المختلفة، والدليل على غياب دور الجامعات الفني هو سيطرة برنامج (نجوم الغد) على المشهد الغنائي في إبراز أنصاف المواهب الفنية التي امتلأت بها الساحة حتى بتنا نتحسر على ضعف دور الجامعات في منافساتها وفي رعاية وإخراج المواهب، ولكن أبهرتني وأدهشتني جامعة الأحفاد للبنات للعام الثاني على التوالي الذي أتابع فيه أسبوع المرأة بالجامعة وأحرص منذ وقت مبكر لحجز مكاني لمتابعة إبداعات طالبات الجامعة في الغناء المنفرد والكورالي، الذي يضم مواهب وأصوات نسائية مميزة للغاية مليئة بالطرب تترك للنفس العنان للتمايل بكلمات وألحان عذبة ومعبرة، بجانب الأداء الدرامي المدهش الذي فاق وبدون أي مبالغة مرحلة الهواية إلى مراحل الاحتراف من خلال أعمال مميزة وأداء عالِ لم يترك لنا إلا أن نتحسر على نجوم الساحة الدرامية العاجزين أو المُقيدين عن إسعادنا ووضع الإبتسامة على شفاهنا حتى بتنا لا نتابع أعمالهم إلا عبر صفحات الصحف فقط، أما منتوجهم على أرض الواقع فالحال لا يسر كما قال الصديق الفنان طه سليمان «شوف درامتنا.. الشينة شاشتنا.. السينما غلبتنا.. شوفوا ناس كايرو.. وشوفوا ناس الشام»، ولكن المواهب المسرحية التي شاهدتُ عروضها في مسرح الأحفاد لو خرجت للساحة المسرحية ووجدت الرعاية والإهتمام الكافي فأنا على ثقة بأن الكثير من المسرحيين سوف يلزموا منازلهم لضعف موهبتهم مقارنة ببنات الأحفاد، وهذا ليس بخيال.. فقد تحسرت على طرح أعمال الطالبات داخل أسوار الجامعة فقط ولم تخرج للناس، بالأضافة إلى وجود مواهب رائعة في مجال الشعر والنثر بطريقة إلقاء رائعة وجذَّابة، والأهم من كل ذلك المستوى المدهش لمقدمات أو مذيعات أسبوع المرأة من الطالبات باللغتين العربية والإنجليزية، لذلك أنصح قنواتنا الفضائية بالبحث في مناشط الجامعات والأحفاد خاصة عن مذيعات يمتلكن كل مقومات النجاح الإعلامي من حضور طاغِ، وثقافة عالية، ومخارج سليمة للحروف، ويرحمونا من أشباه المذيعات.. فقيرات الموهبة.. وكما قلت سابقاً فقد دُهشت جداً لمستوى المنافسة بين مدارس جامعة الأحفاد للبنات في شتى المجالات الثقافية والبيئية بمنظر الجامعة الخلاب، وأبهرتني الجامعة بالإعداد والتنظيم المميز، فالتحية لإدارة الجامعة بقيادة البروفيسور قاسم بدري ومزيداً من الألق فقد تحقق شعار الأسبوع «نحو سودان أخضر». إلى أسامة الشيخ:- على الفنان الشاب أسامة الشيخ تقديم اعتذار فوري لكل جمهوره عن فترة اغترابه الطويلة خارج البلاد، وأُصِرُّ كثيراً على أن يعتذر أسامة وذلك لأنني كنت حضوراً في الحفل الجماهيري الذي أقامه بالمسرح القومي بأم درمان وشاهدتُ بأم عيني مدى الحضور الكبير والتجاوب الذي وجدته الأعمال التي قدمها، حتى قال لي أسامة لم أكن اتخيل بأن الجمهور مازال يحفظ أغنياتي عن ظهر قلب. وخرج الحفل جميلاً وأدى غرضه كاملاً سوى بعض الهنات الطفيفة من الفرقة الموسيقية التي تحتاج لبروفات مكثفة حتى تعطي الأغنيات روعتها كاملة.. وللأمانة فأسامة الشيخ يمتلك كل مقومات الإبداع الذي حرم منه جمهوره كثيراً، ولكن إذا قدَّم أعماله بنفس الصورة والأداء الراقي والرائع الذي شاهدناه فلن يجد صعوبة في الجلوس مجدداً في أعلى قمة الأغنية الشابية.. مبروك. أغنيات وردي:- منذ رحيل الأمبراطور محمد وردي عن دنيانا تأسفت كثيراً لحال أغنياته التي شكلت وجداننا وزرعت معاني الوطنية بدواخلنا، ومنبع أسفي ناتج من الأسلوب المستفز الذي استبيحت به أغنياته، فلم أدخل منتدى أو احتفالية أو جهاز إعلامي إلا وكانت أغنيات وردي تستباح بأصوات نشاذ من مدعي الغناء، شوهوا روعة هذه الأغنيات الجميلة التي بناها وردي لأكثر من خمسين عاماً، وأتمنى أن يضع أبناء وردي حداً لهذه المهازل حتى يحفظوا جمال أعمال والدهم.