تحدثت في المقال السابق- الاسبوع الماضي- عن مقدمة مستحقة عن فن الأزمة، وما أكثر الأزمات في هذا العصر.. أزمات سياسية- أزمات اقتصادية ومالية- أزمات اجتماعية.. أزمات وظيفية- أزمات أخلاقية أزمة مواصلات أزمة ثقة.. الخ، واليوم أبدأ الحديث عن إحدى الأزمات وهي أزمة المرور.. وحين أقول المرور فالحديث يشمل العديد من المحاور ذات الصلة بالمرور سواء أكانت مركبات أو ركشات أو مشاة أو طرق، أو بمعنى أشمل شبكات الطرق داخل المدن، وعلى طول طرق المرور السريع، كما سنتطرق بدون شك للحوادث أو الكوارث التي تقع على الطريق بين الحين والآخر، ولن أقول كل يوم رغم الارتفاع الملحوظ في معدلات وقوع الحوادث على الطرق داخل العاصمة وخارجها، وعلى طول إمتداد طرق المرور السريع بين العاصمة والولايات، وداخل الولايات بين المدن المختلفة لأٍسباب كثيرة، منها إرتفاع معدلات اقتناء المركبات والعربات والركشات، ومعها ضعف الثقافة المرورية لدى الكثيرين.. وأكرر الكثيرين ممن يقودون المركبات والعربات والركشات، وأكاد أجزم بأن المئات وربما الآلاف يجهلون تماماً متطلبات القيادة الآمنة وقانون المرور وقواعده وآدابه، وهذا ينطبق أيضاً وبدرجة كبيرة جداً على المشاة، وهو ما نلمسه ونشاهده ونتعرض اليه على مدار الساعة، حتى إنني شخصياً حين أدخل العاصمة أركز بدرجة 100% على المشاة وهم يعبرون ويندفعون ويؤشرون ويتجاوزون المركبات والعربات بدون تركيز، وبدون انتباه والبعض يعبر بعد إشارة بأصبعه أو يده، دون التأكد حتى من مدى استجابة سائق السيارة لإشارة يده أو أصبعه، أو خلونا نسميها تعليماته.. وهناك من يعتقد خطأ أن الطريق هو للمشاة وليس السيارات، وهناك أيضاً من السائقين من يعتقد أن الطريق للعربات وليس المشاة، وهناك من لا يهتم بمتطلبات السلامة المرورية من الطرفين سائقين ومشاة، وهنا لا أعفي أيضاً بعض الأخوة رجال المرور ممن يرون ويشاهدون هذه التجاوزات ولا يتحدثون أو يوضحون أو يرشدون هؤلاء، وهو دور مطلوب بل واجب تقتضيه المسؤولية الوظيفية والأمانة المهنية، وأيضاً هناك من يقف بسيارته في أقصى اليسار، ومكان وقوفه هذا مخصص لمن يريد الانعطاف يساراً، فنجده يقف أمامك وهو متجه للأمام، ولأن الإشارة تختلف أحياناً في بعض المناطق تضيع عليك فرصة الاتجاه يساراً، وبعد أن تغلق الإشارة يتحرك هو وتبقى أنت في مكانك، وهو ما يتطلب أيضاً التوعية والتبصير والتدخل، وهذا ما طلبته من أحد أفراد شرطة المرور في الخرطوم حيث الصفوف أمامنا، وكان حوالي (6) عربات أمامنا نقف بالخطأ، أو دعونا نقول هم متجهون للأمام وأنا في طريقي للاتجاه يساراً، مما أضاع الوقت على من هم ليسوا في نفس الاتجاه.. ويطول الحديث عن هذه التجاوزات والأخطاء والتصرفات، أما الركشات فحدث ولا حرج فوضى، من البعض بكل ماتعنيه الكلمة، فقد تجد السائق شاباً لا يتعدى عمره (15) عاماً أو أقل، والاندفاع والطيش هو سيد الموقف، ونجد آخر يضع رجلاً فوق أخرى وآخر يستمع إلى الأغاني ويصفق بيديه وهو سائق الركشة، وعادة ما يكون بمفرده حين يفعل ذلك، لأن الراكب لن يقبل تلك السلوكيات الخاطئة والتصرفات الضارة.. فالحديث يطول وسأتطرق لكل هذه التحديات للمصلحة العامة، ثم أتحدث عن شبكات الطرق من حيث تعبيدها وتصميمها وحالتها التشغيلية، ومدى توفر متطلبات السلامة المرورية هندسياً ومرورياً وتوعوياً، ودور كافة الجهات ذات الصلة بكل أمانة وإخلاص مهني ووطني للمصلحة العامة، وللمشاركة الفعالة في توفير متطلبات الأمن المروري وليس السلامة فقط على الطريق، والله يحفظ الجميع.