وأنا أشد الناس حباً واحتفاءً بالمبدع.. أي مبدع.. شاعراً.. فناناً.. مثالاً ممثلاً.. كاتباً.. ملحناً أو رساماً.. أحمل إعجاباً كثيراً وجزيلاً.. واسعاً وشاسعاً لرسامي الكاريكتير خصوصاً.. ولا أجد حرجاً... ولا خجلاً من إعلاني من أعلى ربوة في الوطن.. في البوح بإعجابي الذي يلامس حواف السماء.. بالمبدع المثقف.. الجرئ الشجاع حد التهور الكاريكتيرست فارس.. وليس ذلك وقسماً بالوطن الغالي وشعبه الأغلى.. لأنه يزاملني في صحيفة آخر لحظة.. فهذا من أبعد اهتماماتي أن أجامل.. أو أنافق... أو أساند من لا يستحق إنحيازاً فقط لزمالة البيت الواحد والحقل الواحد الذي يجمعني بالزملاء.. ودعوني أقرر حقيقة تساند طرحي وتعضد قولي.. وهي أني وفي قلب هذا البيت الواحد- (آخر لحظة)- والذي نحن نستظل بسقفه الواحد.. فهناك من الزملاء في هذه الصحيفة من أناهض أفكارهم في جنون.. وأخالف معتقداتهم وتوجهاتهم في صرامة حديدية لا تعرف المهادنة.. ولا المجاملة.. مبدئية انتهجها في تصميم.. وموقف لا تزحزحني عنه مقدار بوصة أعتى الأمواج.. وأشد الرياح.. و(أجن) الأعاصير حتى وإن كانت صرصر العاتية. فارس عندي ليس رساماً فحسب.. إنه يملك عيون صقر.. وحاسة (تشم) الحدث حتى وإن كان مدفوناً في أعماق الرمال.. ريشة منحازة أبداً إلى جماهير الشعب السوداني.. عموماً.. وفقرائه خصوصاً.. ولا أجد لساناً فصيحاً يتحدث نيابة عن المواطن السوداني معبراً عنه في صدق وثبات ويقين.. غير رسمه اليومي.. الذي يصور فيه المواطن وهو يتحدث أو يستمع.. أو يسخر.. أو يضحك على المسؤول... وفي يقين لا يزعزعه ظن وثقة لا يخلخلها شك، إن رسماً واحداً.، وكلمة واحدة أو جملة واحدة من رسمه (مواطن ومسؤول) أعجز أنا ويعجز مثلي كثيرون من التعبير عنها.. أو الافصاح عنها بمقال كامل حتى وإن تعدت كلماته الخمسمائة كلمة.. هذه هي قناعتي وهذه هي صورة الحب والإعجاب بل والانبهار المطبوعة في آخر بوصة في عقلي، والتي ظللت أحملها للرجل منذ أول يوم طالعت فيه عيوني رسمه على صفحات الصحف.. والآن أنا أنقلها علناً وعلى صفحات الصحيفة لأن الرجل قد نافس نفسه وتفوق على روحه.. وهو يحدثنا.. عبر خطوطه الأنيقة وعبر كلماته الصادقة.. وفي الجمعة أمس الأول.. وعبر آخر لحظة.. (تنبهل) الصور وهي تصدع بالحق.. تصرخ بالصدق.. تسطع بالسخرية.. تصارع في قوة التصريحات المشاترة.. التي ينطق.. بل نطق بها بعض المسؤولين. والقصة... كل القصة.. إن أحد ركائز وأركان المؤتمر الوطني.. وكالعهد بهم.. وهذا ديدنهم.. بل تلك قناعتهم إنما هم من الذين أرسلتهم السماء.. لإقامة دين الله في السودان.. وأنهم وحدهم الأخيار والأطهار.. والمؤمنين والمسلمين.. وإن الشعب السوداني.. ما هو إلا قطيع من المتقطعين من قافلة كفار قريش... إنهم لا يتورعون عن (دق) صدورهم معلنين إنما هم الفرقة الوحيدة الناجية.. فقد قال الرجل.. في قمة تلك الهوجة مخاطباً المعارضة إنهم سيصلون العصر في بني قريظة.. بالله عليكم هل هناك جسارة أكثر من هذا.. وهل نحن يهود.. أو كفار قريش.. أم هي رسائل إلى الذين مازالوا يصدقون أنكم حقاً تحكمون بما أنزل الله.. أعجبني في (فارس) أنه لم يلق بالاً للجزء الأول من تصريح المسؤول.. والذي تحدث عن (سحق) المعارضة، ذاك الذي سخر منه حتى (زملاؤه) في حزبه الكبير.. وأيضاً لأن كلمة (سحق) هي ماركة مسجلة باسم ذاك الطاغية المجنون.. المهم.. إن (فارس) قد اضحكنا في سخرية موجعة.. من ذاك التصريح.. الغريب.. والذي جانبه الصواب وخانه التوفيق.. شكراً لك فارس.. وحفظ ريشتك من كل سوء... وحمداً لله على سلامة ذاك المواطن في رسوماتك.. والمسؤل يقول له سنصلي العصر في بني قريظة.. ليقول المواطن.. حمداً لله.. فأنا من بني قينقاع.. وأوجعتنا والمسؤول يسأل.. هل هذا من كفار قريش.. ليجيبه أحد حراسه.. لا.. لكنه نفر من المعارضة.