حكى لي أحد الأصدقاء أنه وقع فريسة للاحتيال هو ومجموعة من رفقائه، وهم خريجو جامعات يبحثون عن الوظيفة، حيث احتال عليهم أحد بأن (مؤسسة ذات سيادة) لديها وظائف، وأن طريقة التقديم بواسطة شركة يعرفها هو، رغم أن الأمر تحفه الغرابة، لكن وجدوا الأوراق تحمل ترويسة تلك المؤسسة، وهو الشيء الذي طمأنهم قليلاً، ولكن هذا المحتال طلب من المتقدمين للوظيفة أن يدفع (كلٌ منهم مبلغ 80 جنيهاً) لزوم رسوم مبدئية.. ولأن الخريجين مؤملون بوجود الوظيفة- (كا الغريق الذى يتعلق بالقشة)- فشبح العطالة يطاردهم، ما كان منهم إلا الدفع الفوري، وبعد مدة ليست بالقصيرة اكتشفوا انهم ضحية لمحتال كبير، لأن المؤسسة نفت بأن لديها وظائف.. فوسائل النصب والاحتيال تأتي تبعاً للظروف والمتطلبات الحياتية.. وما أكثر أساليب النصب على الناس.. كل التقارير تقول رغم تكرار حوادث النصب والاحتيال فإن الناس لا تتعلم، ربما لأن النصّابين يجددون في وسائلهم المبتكرة، أو لأن الحاجة تجعل الناس يصدقون ما يقوله المحتال، ولا يرون الواقع كما هو، بل يرون احتياجاتهم فيندفعون بلا منطق نحو المصير المحتوم، النصب يحتاج قدراً عالياً من الذكاء والابتكار، وهذه الأساليب أصبحت متاحة، حيث يمارس النصّاب عمله ويحتال على ضحايا على قدر كبير من العلم والثقافة والتجربة، وهو يحشد كماً هائلاً من الغش والخداع والمناورة والمراوغة والكذب المتقن، وتبديل الواقع وشد الأنظار والإغراء بالمكسب الهائل والسريع، وإعطاء ضمانات وهمية، ولكنها كافية لإقناع مثل هؤلاء الناس بالتسليم له وهم في حالة خدر، إلى أن يفيقوا في يوم من الأيام على الكارثة، ويكتشفوا أنهم كانوا ضحية لنصّاب يفوق ذكاؤه ذكاءهم.. فلابد للناس أن يعوا لأن وسائل الاجرام والاحتيال تطورة مع تطور الإنسان، ولابد للحكومة من محاربة مثل هولاء المحتالين حتى يأمن المجتمع من شرهم.