أضحى الاحتيال سرطاناً خبيثاً ينهش جسد الأخلاق السودانية الحميدة، وما عاد الناس يثقون ببعضهم البعض بعد أن أفلحت ثلة من ضعاف النفوس في زعرعة هذه الثقة ولم تسلم من بطش المحتالين بطرق عدة تعددت أدواتها وفنونها ومآربها. (الأهرام اليوم) استمعت إلى عدد من ضحايا الاحتيال وإفادات بعض المحذِّرين منه فماذا قالوا: مرتضى الأمين قال إنه قد اشترى من أحد (السماسرة) قطعة أرض تقع في أحد الأحياء الطرفية بالعاصمة وإنه قام بتسجيل تلك الأرض وبعد فترة وجيزة قام بإحضار المواد وشرع في البناء وبعد أسبوع حضر عدد من الأشخاص يدّعون أن قطعة الأرض تعود لهم وأنه بحوزتهم أوراق تثبت صحة قولهم، مما جعله يدون بلاغاً ضد السمسار فاتضح أنه شخص محتال ومتمرس في غش الناس. أما (س - م) شابة في مقتبل عمرها فقالت إنها في إحدى المناسبات تعرّفت على شاب جميل المظهر وحسن الأخلاق، مبينة أنها ارتبطت به وقد وعدها بالزواج، مما جعله أقرب المقربين إليها ولم تشك في نواياه، وبعد فترة من تعرُّفها عليه بدأ يطلب منها أن تعطيه بعض المال ولم تتردد في إعطائه ولكنه أصبح يكرر طلباته ويلح عليها ويخلق لها بعض الأعذار بحجة السرقة وأن أمه مريضة أو أنه مديون، ولم يتوقف عند هذا فحسب، ففي يوم طلب منها بعض المال لكن لم يكن بحوزتها فطلب منها أن تعطيه سلسلة من الذهب كانت تعلقها على رقبتها، مما ولَّد الشك بداخلها وأصبحت لا تعطيه المال وتتحاشى ملاقاته فاكتشفت أنه شخص محتال يتودّد إلى الفتيات بحجة الزواج من أجل أن يأخذ منهن المال ويتركهن يعضضن أصابع الندم. التقينا بحنان مساعد فكان ردها انفعالياً قائلة إن هذه الظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة، فقد تعرّضت للاحتيال سابقاً، مبينة أنه نوع من أنواع الغش والخداع يلجأ إليه الشواذ من الجنسين بحسبان أن المحتال شخص مريض لا يراعي ظروف الآخرين أو مدى احتياجهم للمال وينفذ بعقله المريض السرقة بهدف الكسب المادي الرخيص ويعيش على سرقة مجهودات الآخرين غير مبالٍ، مردفة أن الاحتيال يتم بعدة طُرق وأساليب، فالشخص المحتال هو إنسان في قمة الذكاء، حيث لا يدع لك مجالاً للشك فيه، يتقرب من الضحية بشتى السبل حتى يحين الوقت المناسب ويأخذ مبتغاه ويختفي ويدعك في حيرة من أمرك. أما فواز النذير فقال: تفشي هذه الظاهرة يرجع إلى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، مضيفاً أنه مرض يصيب الأشخاص ذوي النفوس الضعيفة، مبيناً أن أساليب الاحتيال تتطور مع التطور التكنولوجي، ذاكراً أن الشخص يكون أكثر ثقة ولا يدع لك مجالاً في أن تشك فيه، ويكون ذا مظهر جذّاب، مبدياً لك جميع مميزاته و(يبهرك) بكلامه وأسلوبه الراقي في التعامل حتى تقع في شباكه، لذلك لا بد لجميع الأشخاص من أخذ الحيطة والحذر، وألا يثقوا في أحد خلال وقت وجيز وألا تبهرهم (المظاهر) الخارجية، وخصوصاً الفتيات، فهن أكثر تعرُّضاً لهذه الظاهرة، فهن (ساذجات) يصدقن أي كلام يُقال لهن وينجذبن للمظهر الخارجي، لذلك هن فريسة سهلة لأولئك الأشخاص، مضيفاً أن ازدياد العمالة الخارجية من مختلف الدول له دور كبير في بروز وانتشار هذه الظاهرة، خاتماً حديثه بأنه في هذا الزمن لا يثق الشخص إلى في نفسه فأقرب الأقربين قد يحتال عليك. وتقول امتثال حسين إن الاحتيال يحدث دائماً للأشخاص الذين تنقصهم الخبرة والدراية، وخصوصاً من يأتون من خارج الولاية والذين يقعون فريسة سهلة في براثن الاحتيال.