«قاتل الله السياسة» نقولها ويقول بها الكثيرون ولا نحاول النأي عنها.. ولا نستطيع إن نحن حاولنا.. فالسياسة كالماء والهواء «لغير المحترفين».. فالسياسة وحدها هي التي تجعلنا نصفق للطائرات الفرنسية وهي تقصف «أهدافاً لها» على الأراضي الليبية وتصيب «عن طريق الخطأ!!» مدنيين ليبيين.. بل ونطلب المزيد من «الرصاص المصبوب» على رؤوسنا.. ونتبرم لو تأخرت طائرات النيتو عن قصفنا!! تحت شعار «عذبني وتفنن في نيران عذابك».. والهدف الذي نريده ونسعى إليه هو إزاحة العقيد المستبد المعتوه معمر أبومنيار مقطوع النسب «مقطوع الطاري».. ونتوسل في ذلك بالوسائل كافة.. ونستعين بالصهاينة الذين أكلوا «معمراً» لحماً ويحاولون أن يرموه عظماً لكنه «وقف ليهم في حلقهم».. فرنسا ساركوزي التي تمنع الحجاب وتعاقب من ترتديه.. وترمي في غياهب السجون من يأمر زوجته أو أخته أو بنته بارتداء الحجاب.. بتشريع برلمانها وتأييد شعبها!! وتلك الدويلة التي تُحرَّم بناء المآذن وتضيق على المساجد.. وكل دول الاتحاد الأوروبي تماثل فرنسا أو تقاربها في سياستها ضد الإسلام والمسلمين مظهراً وجوهراً، فهي تكره اللحي وعلامات الصلاة والحجاب.. وتقنن للفسوق والعصيان والشذوذ الجنسي وزواج المثليين وإباحة الإجهاض تحت مسمى الحريات الشخصية.. وتحتفي «بسروال لبنى»، ذلك السروال الذي رفع درجة من ارتدته إلى مقام الرؤساء وأتاح لها مقابلة الرئيس الفرنسي!!.. ولولا «غباء» معالجتنا لهذه «الجُنحة» البسيطة لما اشتهر سروال لبنى وما تحته!! إذن لا يمكن أن نتخيل أن فرنسا ساركوزي تسعى لتمكين الإسلام في أغنى دولة عربية مادياً.. وأهم دولة لمحاربة الإرهاب الإسلامي حسب تعريفهم.. لكي لا تكون مرتكزاً ومحضناً لتنظيم القاعدة في المغرب العربي.. وهو التنظيم الذي يقض مضجع فرنسا ويجعلها تلهث في الصحارى المغربية والموريتانية وفي النيجر ومالي وهو يختطف الرعايا الفرنسيين ويغتالهم.. إننا نوهم أنفسنا بأن الغطاء الجوي الغربي فوق الأراضي الليبية هو من أجل عيون الثوار بسيماهم التي في وجوههم من أثر السجود.. وبتهليلهم وتكبيرهم وتضرعهم!!.. لذا فالقصف يتأخر حيناً.. ويخطيء أهدافه «متعمداً» حيناً.. ويقول إن إزاحة القذافي ليست من مهامه حيناً آخر.. والقذافي الذي ظل «يطظطظ» في أمريكا طيلة عهده المتطاول المظلم.. يخاطب الرئيس الأمريكي أوباما «بابنه العزيز!!». وكما هو الحال في صفات اليهود الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، رأينا كيف تتعامل صفحة التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية «وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون».. مع روادها العرب.. فقد حجبت إدارة «الفيس بوك» صفحة الانتفاضة الفلسطينية وهي بالضرورة صفحة سلمية تدعو لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وقتل أطفالها ونسائها بدم بارد.. واستهداف المدنيين بكل الأسلحة المحرمة دولياً.. لكن احتجاجاً واحداً من وزير إسرائيلي أجبر إدارة الفيس بوك على حجب صفحة «الانتفاضة الفلسطينية الثالثة» بدعوى أنها دعوة للإرهاب!!.. وفي سبيل حماية الصلف الصهيوني تسقط كل شعارات الحرية والديمقراطية.. فالحرية ليست للشعوب العربية والأفريقية ذوي الدماء الرخيصة والقيمة الإنسانية البائسة.. ونظرة واحدة «لقطعان» المهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا وطريقة حبسهم في حظائر تهدر إنسانيتهم، تؤكد موقعهم من الإعراب السياسي والاقتصادي والأمني.. لدى أصحاب الياقات البيضاء والدماء الزرقاء والعيون الخضراء.. وكم كان ناجحاً «الإضراب» الذي وعى له بعض الشباب العرب من مستخدمي الفيس بوك تحت شعار «قاطع».. فبلغ المقاطعون ربع مليون مشترك من أصل عشرات الملايين.. وحاولوا إنشاء صفحات بديلة كان مصيرها الحجب.. هذا هو التواصل الاجتماعي الذي يريدونه وفق معاييرهم هم.. «فالحرية شعار أجوف حمال أوجه».. والحكام العرب إلا من رحم ربي وقليل ما هم يحيطون أنفسهم بشراذم من الوصوليين والنفعيين الذين يحيلون المنكر معروفاً والمعروف منكراً.. ويزينون لرب نعمتهم الباطل وهم يرفعون له التمام صباح مساء بأنه «كله تمام» والشعب ماكل شارب.. حامد شاكر.. وإن كان هناك ثمة احتجاجات.. فإنما هي صادرة من بعض المخربين المندسين بين صفوف الجماهير!! وسنضربهم بيد من حديد.. ونسحقهم كالعقارب بالنعال!.. وتحت دعوى حماية النظام يستحلون دماء الشعب ويستبيحون أمواله فتنشأ مراكز القوى ويقوى نفوذها.. فتستأثر بالسلطة والمال في أخطر زيجة سياسية «فتأكل دابة الفساد منسأة السلطان» حتى إذا ما خرَّ لم يجد له بواكي.. وعاش بقية حياته طريداً شريداً يستمطر اللعنات على من كان السبب.. «وهو السبب»!!.. ثم تنفتح طاقات الجحيم على البلاد ويتعثر اقتصادها.. وترتع فيها المخابرات المعادية وتنهب مقدراتها وثرواتها.. وتتفتت وحدتها الوطنية ويتفرق جمعها أيدي سبأ.. فها هي تونس ومصر لم تبارحا محطة الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات والإضرابات.. وها هي الأزمة الليبية تراوح مكانها بين كر وفر والدول الغربية تُذكي أسلوب أضرب المسلم بالمسلم.. والعربي بالعربي.. والعبد بالعبد.. وها هي اليمن بين المظاهرات والمظاهرات المضادة والدماء تنزف والأرواح تزهق.. أما سوريا فليست أحسن حالاً وإن كانت مطالب شعبها لم تتعدَ الدعوة للإصلاح.. فلم ينادي أحدٌ بتغيير النظام.. والنظام هناك يتبرأ من دماء الضحايا ويتهم بها «الشبِّيحه» وهو الاسم المرادف للبلطجية في مصر أو البلاطجة في اليمن.. أو رجال الأمن في زي مدني عند المعتصمين.. والصهاينة والنيتو يخلفون رجلاً على رجل ويستمتعون بهذه التراجيديا التي تريحهم من عدوهم.. وتهلك حرثهم ونسلهم وتدمر اقتصادهم وتخرب نسيجهم الاجتماعي. يا معمر أترك الليبيين وشأنهم.. يا صالح أرحل إنك عملٌ غير صالح.. يا بشار أصلح تكفي عشرة أعوام من الانتظار.. يا عمر أعدل.. فإن العدل أساس الحكم.. لا خير فينا إن لمن نقلها ولا خير فيكم إن لم تسمعوها.. وهذا هو المفروض