اللعبة الحلوة وإظهار المهارات والقدرات وتفجير الطاقات والإمكانيات الكامنة تحتاج إلى إعداد الميدان أولاً.. والحكم الراشد يحتاج إلى عدالة وهذه تتطلب العمل بمبدأ الحساب والعقاب، فيصبح الدستور ومن بعده القوانين هما ميدان لعبة «الحكم الراشد» الحلوة.. والميدان يحتاج إلى مراقب تحكمه هياكل وأُطر هي بالضرورة مفوضية لمكافحة الفساد، والمفوضية تحتاج إلى «تفويض» حقيقي لا شكلي حتى تصبح هيئة ذات سلطات قضائية مستقلة بحيث يكون المفوض في درجة رئيس قضاء، بحيث لا يجترئ عليه أحد، ولا يجرؤ وزير أو من يحسب أنه كبير على التدخل في عمله بمذكرات وقصاصات ورق تحمل عبارات مثل: «فلان الفلاني.. يهمنا أمره»، ويكون ذلك الفلان متهم في إحدى القضايا الكبرى التي تزكم رائحتها الأنوف. الصحف أيضاً تحتاج إلى إظهار مهارات لاعبيها وقدراتهم في كل خانات الملعب الصحفي.. في التحرير الذي يمثل رأس الرمح، وفي الجانب الفني الذي يقوم عليه الشكل وتطل من خلاله الصحيفة على القارئ لتكون إما «عروسة» مثل «آخر لحظة» أو «عبوسة» مثل قلة قليلة من الصحف لا يتمتع القائمون بأمر العمل فيها بحس فني رفيع، ولا يسمحون لمن يتمتعون بهذا الحس الفني أن يدلوا بدلوهم في شكل وإخراج الصفحات. وهناك الجانب الإداري المعني بتحقيق الهدف الأسمى لأي صحيفة، وهو توفير الموارد وضبط الصرف بما يحقق الالتزام التام بسداد قيمة الطباعة اليومية، وتوفير المرتبات الشهرية، مع الالتزام الصارم ببنود الصرف المحددة لضمان تسيير العمل اليومي داخل الصحيفة. ذلك هو ملعب الصحف، والذي إن لم يتم الإعداد الجيد له لن تستطيع صحيفة من تحقيق «هدفها» الأكبر وهو الانتشار الواسع أولاً، ثم القدرة على التأثير على الحاكم والمحكوم ... أي التأثير على الرأي العام.. وهذا لا يتأتى إلا باحترام أسس المهنية والموضوعية وأمانة النشر وإفساح المجال والصفحات للرأي والرأي الآخر. يحتاج «الكوتش» في فرقة كرة القدم إلى تغيير خانات اللاعبين بين حين وآخر، ويحتاج رئيس تحرير الصحيفة بين وقت وآخر إلى إعادة ترتيب الصحيفة من الداخل، ونحن نقوم بهذا بين فينة وأخرى، نعلن عنه مرات، ولا نعلن في أحيان كثيرة من خلال التنقلات الداخلية في الإدارات والأقسام ليكتسب المحررون الخبرات والعلاقات الجديدة حال انتقالهم لعمل جديد في دوائر جديدة.. ولكن عندما يتصل العمل ب «نقل» أعمدة وزوايا صحفية من صفحة إلى أخرى، فإن الأمر يحتاج إلى إعلان وبيان للقارئ الكريم حتى يعرف أين ذهب كاتبه المفضل.. ولماذا؟.. ونثق تماماً في أن تنقلات الكتاب والأعمدة سوف تحقق هدفها وتعمل على تقوية صفحات الرأي، ونثق في أن القارئ شريك النجاح سيكون أول الذين يحييون هذه «اللعبة الحلوة»، وقد أحسننا بذلك من ردود الأفعال الواسعة والرسائل والمكاتبات التي أصبحت بالنسبة لنا مثل التصفيق للعبة الحلوة.