رؤيتي لشخص ما قد تختلف من رؤية شخص آخر له، وما أراه حسناً ليس بالضرورة أن يراه الآخرون كذلك، والعكس صحيح.. أحكي مشاهد قلَّ أن تتكرر، تم ذلك من خلال معايشة مع والي جنوب دارفور الحالي (الزعيم شيخ العرب عبد الحميد موسى كاشا) أرمز له بكاشا.. لا أزكيه على الله. قبل عدة سنوات وإلى حينٍ قريب لمست فيه التواضع الجم والمودة الصافية وطيبة غير عادية. ففي العام 2001م وصل كاشا وزير الزراعة والغابات مطار فوموشينو بروما لحضور مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة(الفاو).. في شهر نوفمبر ذلك العام.. كنت حينها مندوب السودان الدائم لدى المنظمات الأممية الزراعية(الفاو)، والايفاد، و(برنامج الأغذية العالمي)، خيَّرت الوزير بين الإقامة في المدينة فندق خمس نجوم.. وبين نجمة واحدة بمنزلي المتواضع بضاحية الجبل المقدس (مونتي ساكرو Monte Sa cro) نهاية شارع نومنتانا في روما، فوافق على صحبتي وقضينا أيام المؤتمر في صفاء ومودة وسمر برئ مع متابعة أخبار العالم على الشاشة البلورية، ذلك بجانب النشاط المتميز بالمنظمة، والذي نتج عنه أصطحابنا بعد شهر للمدير العام - السنغالي- د. جاك ضيوف، والذي يعتز بالسودان وبأخيه البشير.. ويكرر دائماً(أخي البشير My Brother Elbeshir).. في نهاية ديسمبر توجهت من روما مباشرة إلى الصين وكان الهدف حقيقة هو كمبوديا.. وقد سبقت الوزير الذي وصل من السودان بعد أيام لارتباطات سابقة، والتقينا بالمدير العام وطاقمه الفني.. لنتحرك سوياً إلى كمبوديا.. بعد قضاء مهمتنا هناك، والتي شكل فيها كاشا حضوراً طيباً ممثلاً لمجموعة الشرق الأدنى، بعد أن لمست فيه روح المسؤولية مصحوبة مع الدعابة والتواضع، أعددنا العدة لمفارقة الوفود والعودة سوياً إلى الصين عن طريق هونكونج.. في مطار هونكونج، حيث كان المبيت لزاماً علينا- خيَّرتنا السلطات بين الخروج من المطار والسكن على حسابنا أو المبيت بأرض المطار!. وبعد (المشورة الشعبية) بيني والأخ الوزير استقر الرأي.. وللدواعي الاقتصادية والأمنية.. أن ننام في المطار.. ومن حظنا وجدنا كنبة حديد(بدون وسادة أو مخدة)، فتناوبنا الرقاد عليها حتى الصباح، وحقيقة كان الانبطاح على الأرض أخف وطأة على ظهورنا من الرقاد على الكنبة الحديدية!!. مشهد ثالث يحكي تواضع الرجل القامة.. كنت قد أعددت ندوة لصالح حزب(الإرادة الحرة) (رئيسه علي مجوك المؤمن.. دارفوري متصالح مع الإنقاذ)، وكنت حينها مديراً عاماً للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، وهو وزير دولة بمجلس الوزراء.. وكان الغرض من الندوة.. التي نظمها زملائي في صالة خاصة، أن ترفع أسهم ورصيد الأخ الوزير سياسياً أمام قواعده وقيادة الدولة!! كنت على المنصة مع الأخ الوزير، وعندها دخل الأستاذ كاشا فجأة وأصر أن يزاحم الحضور ليكون بين عامة الناس، (كان حينها عضواً بالمجلس الوطني ورئيس لجنة الصناعة والتجارة)!! -درجة وزير- بعد إلحاح تمكنا من إقناعه للانتقال للصف الأول، ولم أملك أثناء مداخلتي إلا أن أحكي تلك المشاهد التي عشتها معه وهو يضحك ملء شدقيه!!. يبدو أن التواضع لله يرفع شأن الإنسان ويقوي شوكته.. فالزعيم كاشا والذي نال ثقة أهله وغالبية مواطني جنوب دارفور، رفع راية الاصلاح وتطوير المنطقة بمجرد تنصيبه والياً لجنوب دارفور.. وهو في قمة الانشغال بمشاكل الولاية حيث تخرج إحدى المنظمات عن المألوف ولا يأل كاشا جهداً في طردها وأمرها بمغادرة البلاد. يتكرر المشهد قبل يومين ويصرح كاشا بأنه لا يترك منظمة مشبوهة بولايته (لو قامت القيامة)، ويتمسك بإغلاق طريق نيالاالفاشر لدواعٍ أمنية، ويؤكد أنه يملك وثائق تدلل على تورط المنظمات في أعمال مشبوهة، ويصر مراراً أنه لا يحتاج لإذن من أحد في الأمور التي تمس سيادة البلاد، وأنه يمارس صلاحياته وفق الدستور. كاشا يستمد قوته وسنده من تفويض شعبي مقدَّر ويستشعر مخافة الله فيما يفعل قال تعالى: (...فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) صدق الله العظيم.. ألقي بحجر ضخم في بركة آسنة اسمها(المنظمات الطوعية).. منظمات تدعي- زوراً وبهتاناً- أنها تعمل في مجال الغذاء والدواء والكساء، نعم- الغذاء محور وراثي، والأدوية فاقدة الصلاحية، والملابس بالية وملوثة بالميكروبات العصيَّة.. هاهي المنظمات تنفضح في آخر رصد بالصحف السيارة جمعاء صباح السبت 16 أبريل (منظمات أجنبية تدعم الحملة الانتخابية للحركة بجنوب كردفان)!!. حاشية: كاشا- المتواضع- طرد المنظمات الصهيوصليبية من ولايته، فهل يفعل الولاة الآخرون كما فعل ويحذون حذوه؟! بل نقولها للرئيس البشير وبالصوت العالي(أخرجوهم من دياركم).. ونحن من ورائكم جاهزون جاهزون لحماية الدين) والله أكبر والعزة للإسلام.. عاشت دارفور سليمة من كيد الأعداء.