سجل التاريخ بمداد من ذهب شجاعة وصمود الشعب العربي الليبي الذي واجه بكل بسالة الغزو الإيطالي عام 1911 في وقت كانت البلدان العربية والإسلامية تحت الاحتلال الغربي كما سبق له مقاومة الغزو الأسباني المسيحي عام 1510 بعد سقوط غرناطة وثار بعد ذلك على الحكم التركي خلال القرن التاسع عشر، وبعد قرن من الغزو الايطالي يهجم الغرب بكل قواته وقياداته على هذا الشعب العربي الصامد وكأن بالغرب يريد أن يثبت تلك السابقة التي مر عليها قرن ويذكر بما كان يقوله الطليان الفاشستي، إن ليبيا هي الشاطئ الرابع لهم لأنها كانت تحت حكم الرومان، ويأتي اليوم هذا العدوان الهمجي البربري الأمريكي الأوروبي في وقت أصبح فيه العرب، كما كانوا منذ قرن تحت سيطرة الغرب(إلا ما رحم ربك) بل الأخطر من ذلك أن أنظمة سايكس بيكو أنظمة الذل والاستسلام تستخدم (جامعة الدول العربية) ضد ميثاقها ووظيفتها، وتمارس عدوانا على الجماهيرية وعلى كل الأمة العربية، إذ تخلت عن مهمتها القومية، فلم تدعو إلى حوار وحل سلمي ولم تبذل أي جهد للمصالحة، بل عمدت إلى اتخاذ قرار خطير وبائس يدعو مجلس الأمن للتدخل وفرض حظر جوي تحت ذريعة حماية المدنيين، من دون أن تكلف نفسها بإرسال لجنة تحقيق للتأكد فيما إذا كانت الأوضاع نتجت عن احتجاج سلمي أم تمرد واستخدم العنف والسلاح.وهكذا جاء العدوان الهمجي الغربي بإخراج وتحريض من الأنظمة العربية التي طلبت من المجتمع الدولي الذي استجاب حسب زعمه لمقتضيات إنسانية، وصدر قرارا مجلس الأمن 1970، 1973 بمخالفة ميثاق الأممالمتحدة، ولهما رمزية ( الثأر ) من ثورة الفاتح الفاتح لأن عام 1970 هو عام طرد القواعد البريطانية والأمريكية، وعام 1973 هو تأميم النفط والسيطرة على المقدرات، وللأسف أن تتطور الخلافات حد التفريط في وحدة وسيادة ليبيا وكيف يمكن فهم تورط ليبين بعد قرن من الاحتلال الايطالي أن يكونوا مطية للغرب لاحتلال ليبيا.بعد هذه المقدمة للتذكير بخلفية العدوان الإمبريالي الرجعي الذي يخدم الكيان الصهيوني، أريد أن أسجل عددا من النقاط الإيجابية التي تخدم صمود الشعب العربي الليبي وتقوى إرادته وتدفع القوى القومية والديمقراطية في العالم خاصة على صعيد الشعوب من العمل على أن يتم لجم العدوان وكبح شهية هؤلاء الغزاة البرابرة الذين لا يعيشون إلا على دماء الشعوب ونهب خيراتها وفي مقدمتها النفط والمشهد العربي والإسلامي شاهد على هذه العدوانية الخطيرة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والصومال والسودان. أولاً: فكل التحية لصمود الشعب العربي الليبي نساء ورجالا والذي لم يفت في عضدهم أن تقف كل الدول الإمبريالية ضده وتآزرها معظم أنظمة الجور والاستغلال في الوطن العربي، وقد بينت في مقال سابق بعض الأسباب الثقافية والسياسية والاقتصادية التي وجدت فيها تلك الأنظمة البائسة والعدوانية أن الجماهيرية تشكل النقيض الموضوعي لها، وإنها قدرت أن قربها من أوروبا ووجود ثروة النفط الإمكانيات والموقع الاستراتيجي وفي ظل تخلخل الأوضاع العربية وسيطرة الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن ذلك سيمكنهم من إعادة احتلال ليبيا والسيطرة عليها فتذرعوا بأسباب إنسانية ووظفوا للأسف خلافات داخلية كان من السهل معالجتها وقد بدأ ذلك منذ سنوات وإن لم ينجز في الوقت المناسب، فكانت فرصة ضرب الليبيين بعضهم بعض فأرادوا ضم ليبيا إلى ما خطط لتونس ومصر، وعندما ووجهوا بحقيقة الأمور وصمود الجماهيرية انحازت أنظمة الإمبريالية والجور من تمرد على الدولة وقدموا له الحماية السياسية والعسكرية، وللأسف فإن مجلس الأمن تم تسخيفه وتوظيفه بشكل لم يستطيعوا فعله عندما شنوا الحرب على العراق عام 2003، وباسم حقوق الإنسان وحماية المدنيين تم قصف معظم المدن في الجماهيرية وقتل العشرات وجرح المئات وتدمير البنية التحتية والمنجزات المدنية والعسكرية لكن ما هو هام وينبغي تسجيله بافتخار، هذا الصمود الرائع للشعب العربي الليبي الذي لم يحترم مجلس الأمن ولا الجامعة العربية حقه في أن يحكم نفسه بنفسه وعندما تنشأ أزمة يتم حلها سلميا، لكن وجدنا هذا الغرب الإمبريالي يدك ليبيا بكل ترساناته العسكرية وكان الشعب الليبي الذي يسكن المدن المعتدى عليها لا ينطبق عليه ( حقوق الإنسان وحماية المدنيين ) يا لعار هؤلاء الطغاة البغاة! لنسجل بافتخار صمود الشعب العربي الليبي في مدنه وأريافه والذي دلل على أنه يملك الوعي والإرادة الحضارية المقاومة، لذلك لم يخف ولم يرتبك ولم يبحث له عن سلامة فردية بل واجه المعتديين واحتشد في الشوارع والميادين وحسب علمي لم يسبق ذلك في التاريخ إن كانت الجماهير تتحرك تحت القصف لتحمي قيادتها وتظهر إرادتها المقاومة (نقاتل ونرقص ونغني) نعم إنه الشعب عندما يمارس إرادته الواعية فلا يعرف الخوف ولا التردد ولا التراجع فطوبى لهذا الشعب الباسل والصامد، وليسجل التاريخ أن شعبا صغيرا حرا يقاوم ويركل الإمبرياليين الرجعيين، فأي وسام أبلغ أو ارفع من هذا الوسام الذي يتقلده شعبنا اليوم في مواجهة العدوان الذي يتكرر بعد قرن، ويلقى نفس الصمود والمقاومة. ثانيا: ورغم انهيار النظام العربي وتخاذل الأنظمة وتوظيف الجامعة العربية كمدماك في خدمة الاستعمار ورغم ما قامت به (الارمادا) الإعلامية التي أعدتها قوى الاستعمار والرجعية والتي قامت بدور القصف الذي يعد به المسرح للعدوان، وذلك للتأثير على العقول ودفع الأوضاع وخاصة الجماهير إلى عاصفة عاتية ضد الهدف الموجه له العداء مثل ما حصل مع الجماهيرية وهو ما عرفته في العقود الماضية، بالدعاية السوداء التي بني على الكذب والفبركة حتى تصدق، وزادت خطورة الأمر عصر العولمة وما تقدمه من ثورة المعلومات لذلك رأينا كيف سارت الأمور في بداية الأزمة في شرق ليبيا حينما صورت الأمور بأن النظام ( يقتل المواطنين ) بالطائرات والدبابات وأن الدماء تسيل في الشوارع، وقد استلزم ذلك وقتا حتى تنكشف الأمور، ولكن الأعداء سارعوا ليستخدموها دليلا وقرينة لإدانة الجماهيرية وشن العدوان عليها، ورب ضارة نافعة، كما يقولون إذ سرعان ما تنبه الناس واستعادوا تملك الحقيقة وجاء العدوان الغاشم ليحرك كل ساكن ويدفع نحو المقاومة، وأتاح الفرصة للمضليين والمغرر بهم أن يستعيدوا وعيهم لأن الأمر أصبح عدوان غربي همجي على ليبيا من أجل احتلالها. نعم إن الجماهير العربية والقوى القومية والتقدمية في الوطن العربي بادرت إلى إدانة العدوان ورفضه والعمل على اتخاذ المواقف القومية لدعم صمود الشعب العربي الليبي في وجه العدوان، نعم لقد تحركت الجماهير وتشكلت لجان المقاومة في أكثر من بلد عربي وبدأ الكتاب والصحفيين يتحملون مسئولياتهم ويسهمون في توعية وتعبئة الرأي العام، فتحية إلى كل الجماهير العربية وقواها الحية، وإلى مزيد من التضامن ضد العدوان الإمبريالي الصهيوني وحذار أيها العرب الليبيون أن تدفعوا لأي تصرف سلبي تجاه أخوتكم العرب على الرغم من تآمر الأنظمة فلنكبر على الجرح ونقدم الدليل على قوميتنا ورباطة جأشنا ليلتحم معنا كل الأخوة العربي. ثالثا: والتحية أيضا إلى القوى الديمقراطية والتقدمية عبر العالم التي استطاعت رغم كل تلك الحرب الإعلامية والسياسية والعسكرية بالغة التعقيد والتحايل باسم حقوق الإنسان، أن يتم كشف كل ذلك فانطلقت المظاهرات من نيويورك إلى موسكو مرورا بالبرتغال وأسبانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا الخ... وكشف المحللون والمثقفون والصحفيون حقيقة هذه الحرب الهمجية التي تجرأ وزير الداخلية الفرنسي بأن سماها ( الحرب الصليبية ) وسبق للرئيس بوتين في روسيا أن قال: إن العدوان الغربي على ليبيا استدعى من التاريخ الحروب الصليبية، وقد أكد ذلك صحة تحليل الأخ القائد الذي وصف العدوان بأنه حرب صليبية. تحية لأحرار العالم الشرفاء الذين يتضامنون مع شعب الجماهيرية ويصعدون مواقفهم ضد العدوان، إن عداء الدول الاستعمارية لنا وسام وشرف، وكلنا ثقة أن الشعوب والأحرار معنا، لأننا مارسنا الكفاح والتضامن وكانت الجماهيرية المثابة العالمية لتحرر الشعوب والمقاومة ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية فطوبى للمقاومين في كل مكان خاصة في فلسطين ولبنان والعراق والجماهيرية والترحم على الشهداء، والدعوة لتحكيم العقل وحل الخلافات سلميا والعمل من أجل التغيير من غير عنف ولا سلاح، ولا ارتهان للخارج مهما كانت المبررات.