عندما يستهدف الوطن ينبغي أن نكون كلنا في خندق واحد، فلا مجال للشماتة ولا للكتابات التي لا قيمة لها التي لا تتعمق وراء الأحداث بصورة ثاقبة.. تدرك خلفيات الأشياء. وتحسب حساباتها الصحيحة في أوقات الكوارث والملمات، وهي الأوقات التي يتناسى فيها المخلصون النبلاء جراحاتهم.. ويقدمون مصلحة بلادهم ووطنهم على كل مصلحة أخرى. قادني إلى ذلك الحديث، الحدث المؤلم الذي مثله العدوان الإسرائيلي على بورتسودان. وعندما نقول بورتسودان تحديداً، نقول ذلك لأنها موقع الحدث ولكن العدوان- كما هو مفهوم- وقع على السودان كله أرضه وسماءه، ترابه وشعبه.. وهو الثمن الغالي الذي يدفعه هذا الوطن لقاء وقفته الصامدة من أجل القضية الفلسطينية.. ومن أجل حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه ودياره.. ومن أجل حرية وكرامة جزء عزيز من وطننا العربي الغالي.. وموقف السودان تجاه هذه القضية ليس بجديد منذ اشتراك الكتائب السودانية في حرب فلسطين في سنة 1948 في النقب والفالوجة واللو والرملة.. حيث لا تزال رفاة الشهداء هناك، وحيث لا تزال مساهمات البطل أحمد عبدالعزيز «الضبع الأسود»، وأقرانه تخلد في كتب التاريخ هناك. ثم كانت وقفة السودان الصامدة إبان حرب أكتوبر 1956 «العدوان الثلاثي» على مصر.. وموقف رجالها وأبطالها في الجبهة وموقف سياسييها وقادتها وعلى رأسهم الأسد الهصور الزعيم محمد أحمد المحجوب «وزير خارجية السودان» آنذاك الذي حمل القضية إلى أروقة الأممالمتحدة.. والذي أعلن الحرب على إسرائيل بعد ذلك من داخل البرلمان وهو رئيس للوزراء في يونيو 1967.. وهي السنوات التي كان فيها الزعيم إسماعيل الأزهري رئيساً للدولة.. وهي السنوات التي قاد فيها السودان مؤتمر الصمود والتصدي.. مؤتمر الخرطوم 1967 بلاءاته الثلاثة المشهورة. إذن موقف الخرطوم قديم تجاه القضية الفلسطينية.. وهو موقف مبدئي وثابت خلال كافة العهود سواء في ذلك نظام الإنقاذ الماثل اليوم وغيره من العهود كافة التي سبقته منذ استقلال السودان.. بل منذ نمو الحركة الوطنية في السودان.. والتي سارعت للإسهام في القتال والدفاع عن القضية الفلسطينية قبل أن ينال السودان استقلاله.. إذن لا جديد تحت الشمس فلا موقفنا من القضية الفلسطينية جديد.. ولا عدوان إسرائيل علينا وعلى غيرنا جديد.. ولا استهدافها لكثير من الرموز حادث يفاجيء من يعرفون طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي.