اقتربت ساعة الصفر لحسم المعركة الانتخابية الضارية بين مرشح المؤتمر الوطني لمنصب والي جنوب كردفان مولانا أحمد هارون، ومرشح الحركة لذات المنصب الفريق عبد العزيز الحلو من جهة، وتلفون كوكو من جهة أخرى. واحتدم التنافس في الحملات الانتخابية للمرشحين، والتي أخذت منحى آخر، بعد أن دخلت مراحلها النهائية.. واكتست مدن وقرى الولاية حلة زاهية بأعلام السودان، وصور المرشحين وسط هدوء نسبي، لا بخلو من الحذر والترقب، لما ستسفر عنه مقبل الأيام، والوطني كعادته نزل بثقله على مستوى قيادات المركز لمساندة هارون، وذلك لما تتميز به الولاية من أهمية للشمال، لا سيما عقب الانفصال، فيما بدت الحركة الشعبية في سياساتها، سياسة الكر والفر والتهديد والوعيد، تكيل الاتهامات تارة في وجه خصومها بمحاولة تزوير الانتخابات، وتارة أخرى تكشف عن مخطاطتها لزعزعة الأمن، ونسف الاستقرار، الذي تعيشه الولاية . ويرى المراقبون أن ما تحيكه الحركة من مؤامرات دليل واضح على قناعتها بعدم فوزها وفقدان منصب الوالي، الأمر الذي جعلها تصاب بالإحباط وخيبة الأمل، خاصة بعد التأييد الكبير الذي وجده هارون من مواطني الولاية ومناصرتهم الكبيرة له في حملاته الانتخابية، الشيء الذي لم يحظ به مرشح الحركة الحلو، ولم يجد ترحيباً، بل تم حرمانه ومنعه من واحدة من أكبر مدن الولاية مدينة المجلد، لتدشين حملته الانتخابية بواسطة مجموعة أطلقت على نفسها تنظيم الوطنيين الأحرار المنشقين من الحركة الذين، أكدوا خلو منطقة القطاع الغربي والمنطقة الشرقية والشريط الرملي من عضوية الحركة، وأطلقوا تحذيرات صارمة للشعبية، من محاولة دخول أراضيهم أو رفع السلاح بالولاية، وقالوا ل(آخر لحظة) إن الخطوة إذا تمت تعني نهاية الحركة في جنوب كردفان، وسخروا من تهديدات نائب رئيسها عبد العزيز الحلو بالقيام بعمليات تخريبية بالولاية، حال التلاعب في الانتخابات، وقالوا إنه لا يستطيع رفع سلاح في وجه دجاجة، متسائلون متى رفع الحلو السلاح في وجه الحركة الشعبية، ووصفوا تهديداته بالجبانة مشيرين الى أن (الوز لا يهدد بالغرق)..وظلت قيادات الوطني تؤكد أهمية انتخابات جنوب كردفان.. وقالت إن انتصار الوطني فيها يعني انتصار السودان ككل، لذلك نجد أن الوطني سخر كل امكانياته المادية والمعنوية للظفر بهذا المنصب، لما له من أهمية، فأصبحت الوفود من المركز والولايات القريبة على أعلى المستويات تتقاطر على الولاية لمناصرة هارون وزيارة الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية للولاية، كانت لها الأثر البالغ، وكذلك زيارة د/ نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، والتي حملت إشارات واضحة، ومن ثم أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني، ومهدي ابراهيم والدرديري محمد أحمد القياديان بالوطني، وعدد من المسؤولين لا يسع المجال لذكرهم.. وفوق هذا وذاك زيارة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية للولاية اليوم .. وكل هذا إن دل على شيء إنما يدل على أهمية هذه الولاية الغنية بالنفط للشمال، وإن فقدان منصب الوالي بها يعطي الحركة قوة دفع للسيطرة وتعزيز وجودها في المنطقة.. وتشير التقارير الى أن الشعبية تستعين ب (17 ) الف جندي من أبناء جبال النوبة، مزودين باحدث الأجهزة والأسلحة، للقيام بعمل عسكري متزامن مع فترة الاقتراع التي تنطلق في الرابع من مايو المقبل، بعد أن أعلنت مفوضية الانتخابات اكتمال كافة الاستعدادت، وأكدت وزارة الداخلية جاهزيتها لتأمين العملية، ولكن مع ذلك ترى الحذر والترقب في وجوه الكثيرين.. وبدا أحمد هارون متفائلاً وهو يخاطب مواطني أبو كرشولة، وأم بريمبيطة، والحمادي، والسيسبان، وبعض قرى الولاية، التي أكدت وقوفها بنسبة 100% معه.. وقال ممثل منطقة السيسبان- وسط هتافات الشعب يريد أحمد هارون- بإنهم سيفوزون أحمد هارون بالرصاص لا بالورق، ورد عليه التحية هارون بأحسن منها، وتعهد لهم بالاستمرار في مشاريع التنمية، واستكمال مسيرة بسط الأمن والاستقرار في الولاية، قبل أن يرسل بوابل من الاتهامات للحركة الشعبية، ويصفها بالعجز، ومن يتبعه بالفشل، وقال إن مشروع السودان الجديد الذي تتبناه الحركة أكبر كذبة، وأنه عنصري.. وأضاف أنه أشبه بفيلم بطله مات وزمانه فات، واعتبر أبناء الولاية التابعين للحركة بأنهم أيتام، وقال إننا نقول لهم إنكم أيتام في موائد كرام، تعالوا أركبوا سفينتنا سفينة نوح.. مشيراً الى أن برنامج الحركة يدعو للعلمانية، وركل الدين، وأن برنامجه ليس مٌنبّت ، وأنه نابع من قيم الشعب، وسنة المصطفي صلي الله عليه وسلم.. الأمر الذي قال إنه يجعلنا نستلهم أسس التعايش السلمي بين مكونات الولاية، وبادلت قيادات الوطني الحركة الشعبية الاتهامات، وقالوا إنها تقف مع كل الدول المعادية للسودان، وأوضح أحمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني إن بضاعة الذين يحاولون اشعال نار الحرب مجدداً وتحريض الدول المعادية للسودان ستبور.. مشدداً على ضرورة افشال كل مخطات التآمر، التي تسعى لنسف العملية الانتخابية بالولاية، مثل ما فشلت سابقتها في الانتخابات الماضية، وأوضح مهدي ابراهيم القيادي بالوطني أن الذين يمثلون الحركة لا يمثلون البلاد، ولا جنوب كردفان، وقال إننا نريد أن نضع الحرب خلفنا، ونسقط كل من يرفع رايتها، لا سيما الأحزاب.. مشيراً إلى أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة، نريدها خالصة للتنمية، وأبان أن الانتخابات في جنوب كردفان تمثل أهمية كبرى للسودان . وشن الدرديري محمد أحمد القيادي بالوطني هجوماً لاذعاً على الحركة الشعبية، وقال إنه لا يحق لها ممارسة أي نشاط في السودان عقب الانفصال.. داعياً أبناء الولاية بالتماسك والتعاضد من أجل مصلحة الوطن.. وأكد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل على لسان القيادي أحمد بلال مستشار رئيس الجمهورية وقوف حزبه مع مرشحي الوطني بجنوب كردفان.. مبيناً أن المرحلة المقبله تحتاج الى التكاتف والتماسك.. ويرى المراقبون أن انتخابات جنوب كردفان ليست معركة بين حزبين، وإنما هي معركة بين مشروعين، أحدهما يستمد قوته من دعائم الشريعة الإسلامية، وسنة المصطفي صلي الله عليه وسلم وآخر يدعوا للعلمانية، وبناء جدار بين قيم التدين والعمل العام.. والسؤال هنا لمن ستحسم صناديق الاقتراع هذه المعركة؟ هل لأحد المشروعين أم يفاجئ الجميع المرشح تلفون كوكو الذي يقبع في سجون الحركة حالياً الجميع ويفوز بالمنصب؟ هذه الأسئلة وغيرها كثير ستجيب عليها الأيام القليلة المتبقية.