تعيش الخرطوم والولايات الأخرى في أجواء صاخبة بسبب الأقاويل والشائعات التي يطلقها مروجوها عن الانتخابات والمرشحين.. بدءاً من انتخابات رئاسة الجمهورية وحتى الولاة ونواب الدوائر الانتخابية، ولعل المشاهد للمسرح السياسي الآن يجد أن تجمعات النخب والسياسيين التي تتم في أرجاء العاصمة والولايات في ما يسمى بصالونات السياسة.. وعلى ضوء الثرثرة والتفلتات التي يطلقها المجتمعون ويتلقفها مروجو الشائعات ويطلقونها ليفسدوا الجو السياسي ويزعزعوا الرأي العام بأوساطه المختلفة. ولعل الموضوع الدسم هذه الأيام هو الانتخابات التي نقترب منها رويداً رويداً.. وحال الأحزاب يعكس لنا أن ترشيحاتها على مستوى انتخابي يشوبه التردد وعدم الثبات والنفي بعد المباركة.. وتدخل هنا لعبة التحالفات والأمنيات الطيبة.. وكلمة أصيلة تردد دائماً بين رموز المعارضة في لحظات تجلياتها.. «سندخل الانتخابات بقلب رجل واحد». الآن ووفق ما تأتي به الصحف السيارة من أنباء نجد أن عدداً من الشخصيات السياسية الحزبية تقدمت لخوض معركة الانتخابات الرئاسية.. لكن أحزابها لم يستقر رأيها على التأكيد لهذه الترشيحات.. ولذا يصدم رجل الشارع بعدم وضوح الرؤى والضبابية في قراءة عقلية الأحزاب السياسية، ويختلط عليه الأمر ويعيش في حالة من التشتت الذهني.. وأن أشد ما يحزن تداعيات الشائعات التي يطلقها البعض قدحاً في الوطن.. ويصورون أن الوطن بات في حافة الهاوية والمهددات تحيط به من كل حدب وصوب. هذه البلبلة السياسية التي يثيرها المرجفون من مروجي الشائعات تهدف إلى تلوين الحقائق والتشكيك في النوايا وزعزعة الجبهة الداخلية ورسالة واضحة من هؤلاء للأعداء.. وينسى هؤلاء المروجون أن السودان العملاق الذي ينطلق بسرعة أذهلت العالم المحلي والدولي، أنهم بشائعاتهم يؤثرون وبشكل مباشر على إتاحة الفرص لتفتيته وتفكيك أوصاله وإضعاف المؤسسات الداخلية. الانتخابات قادمة ولا يحس رجل الشارع باستعداد الأحزاب السياسية لخوض المعركة، حيث لم نسمع بعد عن أي برنامج سياسي مقدم من أي حزب لإقناع الناخبين للتصويت لمرشحه.. كما أن الأحزاب جميعها ما زالت الهوة واسعة بينها وبين قواعدها.. بل أن رموز الأحزاب يضعون جل وقتهم في لعبة التحالفات والتردد في اختيار ممثليهم على أي مستوى انتخابي. رجل الشارع أو الناخب يريد أن يعرف ممثليه ويعرف أيضاً البرامج الطموحة للأحزاب ومدى استعدادها، ومواقع انعقاد ندواتها السياسية ليتحدث رموز الأحزاب طارحين البرامج والسياسات والمنفستو المقدم للانتخابات.. حتى الآن نقرأ في الصحف التصريحات المتضاربة التي تنطلق ويتم نفيها.. وهكذا حال الأحزاب بالرغم من قرب الانتخابات تعيش في دربكة وحيرة من أمرها. الانتخابات أصبحت بعبعاً يخيف غالبية أحزابنا السياسية، ولا زال شبح الخوف من السقوط للأسفل يهدد البعض وكذلك التردد من الخوض.. مع أن الانتخابات أمر واقع ولابد لأي دولة المرور عبرها إذا كنا نؤمن جميعاً بإرساء معالم الديمقراطية الحقة والتداول السلمي للسلطة.. ومعروف أن الانتخابات فوز وعدم توفيق، وليس معنى ذلك أن الفائز جاثم دائماً فوق سدة السلطة طالما أن العملية الانتخابية مستمرة، وبقناعة تامة من الجميع. عموماً.. السودان دولة كغيرها منذ أن نال استقلاله أجريت فيه العديد من الانتخابات، وأفرزت رموزاً سياسية وطنية تحملوا المسؤولية في فترة قيادتهم للبلاد، والآن تأتي الانتخابات القادمة أيضاً والجميع يأمل أن يرى وجوهاً جديدة بكامل الإحساس بالمسؤولية الوطنية، ونأمل أن تختفي من قاموسنا السياسي مفاهيم المكايدات السياسية ومرارات الماضي، خاصة بعد أن أصبح السودان الوطن يحتل موقعاً مرموقاً ويتقدم كل يوم خطوات إلى الأمام.. وندعو كافة الأحزاب - الحاكمة والمعارضة - للإقبال على الانتخابات القادمة بأي مستوى.. ويرشحوا رموزاً تتوافر فيهم صفات الأصلح والأنفع والقوي الأمين لمصلحة الوطن والمواطنين.. وأن يكون شعارنا جميعاً: الذود عن الوطن وسيادته.. نواصل