مع التسليم الكامل بأن نظام الإنقاذ هو الأفضل من بين كافة الأنظمة التى حكمت البلاد وها هو الآن يجمع مابين ميزات الحكم الشمولى (الإنجازات) والحكم الديمقراطى (الحريات)، وهذه الميزات يقر بها الشعب السودانى، بعد أن لمسها من خلال تجارب الأنظمة التى تعاقبت على حكم البلاد والحساب (ولد) * الدولة السودانية تلاحقها عيوب يجب أن تتخلص منها، وهى تتصل بعيوبنا كبشر وكأمة، وفى مقابل كل ذلك نتمتع بخصال رائعة تحسدنا عليها الأمم الأخرى، وحتى عيوبنا والحمدالله هى عيوب فنية يمكن تلافيها. إذا أمعنا النظر فى ممارستنا لكل شئ يمكن أن نهتدى إلى عيوبنا، فهى فى الرياضة معروفة، وكذلك فى الفن والإقتصاد، والسياسة، وفى حراكنا الإجتماعى، وكذلك فإن الأنظمة التى تعاقبت تعلم ذلك وعملت على علاجها، ولكننا كشعب احتفظنا بعيوبنا وأبطلنا كل محاولة لعلاجها مع سبق الإصرار والترصد، وسبب الفشل هو الشروع فى العلاج فى ذات الممارسة وهى تتقد وتتصل، كالجراح الذى تجرى جراحته دون علاج حالة الإلتهاب، ولهذا تتفاقم المشكلة وتتفاقم عيوبنا ويتراجع الأداء والعطاء، وتمضى الممارسة وهى معيبة لا تحصد جديداً ولا تبهر آخر ولا تسعدنا من رتابتها، وتثقل كاهلنا فتقعدنا عن العمل ولا نقوم إليه إلا كسالى، فتأتى النتائج كيفما اتفق وتمضي الحياة كيفما اتفق. شعبنا فى حاجة لثورة برتقالية تضطلع بها الحكومة والمبدعون والمنظرون فى داخلها، بالإضافة لنخب المجتمع وعليهم ألا يعالجوا بذات الطريقة، والممارسة تمضى جنباً إلى جنب مع المعالجات، وإنما يتركون الممارسة جانباً، فلتمض كيفما تمضي ويشرعون فى رسم الأحلام الوطنية الكبرى فى كافة الجوانب، ففى السياسة مثلاً يحلمون ويخططون للأهداف الكبرى ويتصورون كل شئ، يتصورونه مثالاً ونموذجاً ويتصورون حياتنا السياسية ورموزها وحكامها ومعارضيها وصحفييها، وكيف هى الممارسة السليمة فى هذه المجالات، ويتصورون المواقف الوطنية السليمة.. وفى الإقتصاد يتصورون ظاهرة الحكام وبذلهم وعطائهم والنهضة الزراعية وترشيد المال العام، والتكافل مع الفقراء وسلامة الإجراءات وشفافيتها فى الإستثمار، وفى الضرائب و فى الزكاة وكذلك يتصورون عاصمتنا الخرطوم وعبر (الجرافيك) يطرحون للناس شكل العاصمة التى سنصل إليها بعد كذا من السنوات. كل دول شرق آسيا وعلى رأسها ماليزيا نهضت بعد أن تصورت المثال وعبأت الشعب به، ومضت هى والشعب نحو المثال عبر ثورات برتقالية هادئة .. هى ثورة فى المفاهيم والممارسة.. هى ثورة حتى المثال.