وأكاد أرى ظلال الاستنكار.. أو الدهشة بل الغضب.. تلون تلك الوجوه التي لا ترى غيرها مسلماً في كل هذا الوجود.. تلك الكائنات المتكبرة.. والتي ترى وتظن وتقسم برافع السماء بلا عمد.. أن إسلام أي أحد في هذا الوطن.. الجريح برماحهم.. المنكوب بهم.. المغلوب على أمره بسببهم.. لا يرون أن إسلامه يجب أن يكون إلاّ عبرهم.. أو على «سلالم» تنظيمهم.. إلى السماء.. ولكن هيهات.. وهيهات.. إن إسلامنا.. الذي به نتسربل.. ورايته التي تحتها نستظل.. نستمده مباشرة.. من كتاب الله المحفوظ وسنة نبيه المطهرة.. بعيداً.. عن الكَذَبة والأفاكين.. والمغالين.. والغوغائيين.. لست مدافعاً عن إسلامي.. فأنا لست متهماً.. ولا مطلوباً مني تبرير لأحد.. ولكن.. هي سياحة شاهقة في مرابع ومراتع.. رياض وحدائق الإسلام.. الطاهرة.. المزهرة.. أتعلَّم.. أقرأ.. أستمع ثم أنظر حولي وأقارن.. لأقول لهؤلاء.. كم أنتم بعيدون من الإسلام.. بعد الثرى من الثريا.. بعد المشرق من المغرب.. بعد القطب الشمالي من الجنوبي.. ويا للمهانة .. ويا للأسف.. وكل الحركات الإسلامية.. في الوطن العربي.. بلا استثناء .. كلها تلك التي هدفها.. هو تحكيم شرع الله في الأرض.. تبدأ وتنتهي فقط بالحدود.. الحدود ولا شي غيرها أبداً.. إغفالاً تاماً.. لتلك البدائع والروائع.. لتلك الكنوز والبحار من بهير الخلق.. وحسن المعاملة.. ورعاية الرعية.. بعيدة عن المعاملة واحترام آدمية الإنسان.. بعيدة عن تكريم النفس التي كرمها الله... بعيدة عن.. قوانين .. كيف يكون الحاكم.. كيف يكون والي الإمارة.. بعيدة عن قوانين التقاضي.. بعيدة عن كيف يكون الجار وحقه.. كيف هي المرأة وحقوقها.. بعيدة عن معاملة الشرائح الضعيفة الفقيرة المسكينة.. أقول انظر حولك لترى.. كيف هم هؤلاء غلاظ الأكباد.. يمشون.. يفعلون.. يعيشون... يظنون أنهم يخدعون الناس وما يخدعون إلا أنفسهم .. يختزلون كل سماحة الإسلام وعظمته.. يختزلونها في حد الخمر.. حد الزنا.. حد السرقة.. وحكمة الله لا يتطرقون.. بحرف دعك عن حديث أو آية عن حد الاختلاس.. والهدايا بحكم المنصب.. بل «عشان» خاطر المنصب.. يأكلون أموال المسلمين بالباطل.. وباسم الإسلام... ومثال أسطع من شمس الظهيرة العمودية في خط الاستواء.. هو «الريان» وكل «شلة» المحتالين..المتدثرين برداء الإسلام زوراً وبهتاناً وإفكاً.. من شركات توظيف الأموال.. في مصر الشقيقة.. وكيف أنهم قد «أكلو» أموال الأغنياء والبسطاء.. والفقراء حتى آخر «تعريفة» باسم شركات توظيف الأموال... وذاك الربح الخرافي وهو وعد سراب.. وهنا في وطني المحبوب.. يكتفون فقط بإطلاق الأسماء الإسلامية على الطرقات والشركات والمدارس.. اسماً فقط ليجذب عقول وأفئدة الشعب السوداني المحتشدة صوره بالحب الخرافي للإسلام.. كيف ذلك.. تجد مخبزاً تتصدره لافتة تحمل اسمه والاسم قيمة إسلامية راكزة، ولكن لا يهم إن كان ينقص وزن «الرغيفة» أو يخلطها بمادة «بروميد البوتاسيم».. مدرسة تحمل اسم صحابي جليل.. ولا يهم إن كانت مؤسسة ربحية.. لا يحجمها بحقل العلم والتعليم.. غير «كنب» و «جرس» وطباشير.. وشركة تحمل اسم صحابي جليل.. أو خليفة مبشر بالجنة.. ويكون نهجها هو التهرب من الضرائب والإفلات من الزكاة.. وأكل حقوق العاملين.. والغش في البضاعة والإفراط في الأرباح.. نعم.. هذه صورة.. الإسلام التي رسموها وهو منها براء.. هذه هي الممارسات التي يرتكبونها باسم الإسلام.. والإسلام يناهضها ويناقضها بل ويقاتلها في حسم وتصميم.. ويا صديقي... لا تيأس ولا تحزن.. إن الله أنزل الذكر.. وتعهد بحفظه.. وإن وجه الإسلام يظل مشرقاً ساطعاً.. مهما أثاروا حوله من غبار.. وإن حبل الكذب أقصر من ومضة البرق الخاطف.. وإن الصحيح... حتماً يصبح صحيحاً وإن الفجر حتماً تنبلج مشرقاً كما الصباح الجديد.. كن معي غداً.. لأحدثك من مكتبة صديقي «التجاني سعيد».. ولا تلو أمامك صحفات من الإدهاش والإعجاز.. والمواقف التي تأخذك إلى المجرات البعيدة.. وأنت تتصفح معي صفحات من أقوال.. وأفعال.. سيد الخلق وأصحابه المطهرين الميامين لتتلفت حولك.. لترى.. ولتقارن.. ولتعجب .. حتى الغد لك ودي..