أخطأ مني أركو مناوي برفض تطبيق بنود اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية بإدماج قواته في الجيش والشرطة والأمن، كما تنص اتفاقية أبوجا، وأصغى لنصائح خاطئة من الحركة الشعبية باستنساخ تجارب القوات المشتركة المدمجة بالجنوب، ليتم تطبيقها في دارفور دون سند قانوني في الاتفاقية، الشيء الذي جعل حركة تحرير السودان تقف بعيداً عن الأحزاب التي يحق لها ممارسة النشاط السياسي، وحينما اقترب موعد الانتخابات اتجهت كل الأحزاب للجماهير والمفوضية لترشح قادتها لمناصب الولاة وأعضاء البرلمان، وبقي أركو مناوي كالسيف وحده، يطوف مناطق دارفور، يتحسس موضع قواته على الأرض، في محاولة للضغط مرة أخرى على الحكومة والمؤتمر الوطني، حتى يتم (توفيق) أوضاع حركته.. الدكتور نافع علي نافع قال للصحافيين الخميس الماضي: إن أبواب التحالفات مفتوحة بعد الانتخابات وقبلها، والأحزاب التي تجاوزها قطار صناديق الانتخابات تستطيع الحصول على شيء من كعكة السلطة، ولكنها بالطبع لن تنال كل ما تبتغي من السلطة العليا والسلطة في الولايات، وقد أتخم أنصار مناوي بالسلطة مركزياً وولائياً بدارفور، لكنهم أخطأوا حسابات الانتخابات، ولم (يدخروا) أصوات الجماهير ليوم قادم لا محالة، ومثل حركة مناوي كان بمقدورها المنافسة على مقعد الوالي بشمال دارفور وجنوب دارفور وغربها، إن هي جعلت من الانتخابات في أجندتها السياسية، ويستطيع مناوي منافسة عثمان كبر وعبد الحميد موسى كاشا، الذي يتوقع أن يعلن تنصيبه سلطاناً على نيالا اليوم، لكن مناوي أهدر الوقت في الاجتماعات التنسيقية مع أحزاب المعارضة التي تظاهرت في الخرطوم بأجندتها، وتخوض الانتخابات بأجندتها، وتقاطع بأجندتها، وتسخر سراً وعلناً من اتفاقية أبوجا التي صنعتها إرادة المؤتمر الوطني، وإرادة حركة تحرير السودان، لكن من يقنع مناوي بأن هؤلاء أصدقاؤه وهؤلاء ألدَّ أعدائه!؟ كل مراقب منصف للأحداث في السودان يبرّئ حزب المؤتمر الوطني من إخفاق تنفيذ بنود اتفاقية أبوجا، ويضع في عنق حركة تحرير السودان وحدها مسؤولية عدم تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية والعسكرية، التي عين لها جنرال كبير في القوات المسلحة الفريق (الدابي) لاستيعاب الفصائل الدارفورية في القوات المسلحة، فأقدمت كل الفصائل على تطبيق بنود الاتفاقية، لكن مناوي رفض وتمادى في موقفه!!. العودة لمربع الحرب وخيار البندقية صعب بل مستحيل إذا كانت حركة العدل والمساواة قد اقتربت من إبرام اتفاق مع الحكومة والقوى الإقليمية التي تحملت أعباء تمردات دارفور، ممثلة في دولة تشاد توصلت لتفاهمات مع الخرطوم، وبدأت ترتيبات طرد المعارضة التشادية من الأراضي السودانية، وطرد قوات خليل من تشاد، فأين يتجه مناوي وقد (جفت الدموع)؟ وبات خيار تبادل الأذى بين الخرطوم وإنجمينا مرفوضاً، ومتفق على السلام وحسن الجوار؟؟ وهل إضراب مناوي عن العمل يشكل معضلة كبيرة للمؤتمر الوطني؟ أم يشكل معضلة لمناوي وحده؟!!