* المرحوم عمر الحاج موسى العسكري الخطير والأديب الكبير والسياسي الوزير كان من أشهر المسئولين الذين وضعوا على مكاتبهم الحكمة التي تقول(لو دامت لغيرك لما آلت إليك) والتي اخترناها عنواناً لموضوع اليوم.. ويالها من حكمة وتذكرة يجب أن لا تغيب عن أي شخص صغيراً كان أم كبيراً ومهما كانت لديه من مسؤوليات دقَّتْ أم عَظُمت ليتذكر أنها كانت من قبل في يد غيره وستؤول(حتماً) لمن يأتي بعده.. والأمر لله من قبل ومن وبعد. * ويظللنا هذه الأيام إعلان الكشوفات السنوية للمعاشات والترقيات والتنقلات في أوساط الضباط في القوات المسلحة والشرطة والأمن وهي حركة روتينية وضرورية تمليها ضوابط محددة مثل بلوغ سن التقاعد.. أو عدم اجتياز حد الكفاءة.. أو اللياقة الطبية.. أو تقارير الأداء.. أو مرتب الوحدات من الرتب المختلفة أو غير ذلك.. وتنظر لجنة رفيعة ومتخصصة ومؤتمنة في هذه المعايير المختلفة ثمَّ توصي للجهات الأعلى بأسماء من يحالون للتقاعد بالمعاش.. ومن يُرقَّون إلى الرتب الأعلى.. أو من يتبادلون المواقع بالتنقلات.. وبعد ذلك يصدر القرار الذي يستند على القانون والدستور.. ومثل أي جهد بشري قد لا يخلو من بعض سوءٍ في التقدير أو مسببات التظلم منه.. وتنتشر بعد ذلك المفردات والعبارات من قبيل :- مارقُّوني.. نقلوني سقط لقط.. نزَّلوني المعاش.. إلخ. أو رقُّوا فلان الما بيستحق وفطُّوا علان وطشُّو بي فرتكان.. وللقيادة في ذلك خبرة ودُربة لذلك غالباً ما تختار نهاية يوم خميس لإعلان الكشوفات لكي (تمتص) العطلة(النقة) التي ستدور حتماً مباشرة أو بالهواتف أو قعدات الشمار(أنا أكره كلمة الشمار هذه لله في لله).. ثمَّ تبدأ دورة جديدة يغيب فيها البعض عن وحداتهم ويعتلي منصة القيادة آخرون.. يحزم أمتعتهم للرحيل المنقولون وهذه هي حال (الدنيا ما دوَّامة). وبما أن الحياة كلها رحلة مؤقتة(كمسافر استظلَّ بظل شجرة ثم رحل عنها) وأن الدار الآخرة هي الحيوان لو كانوا يعلمون.. فإن الخدمة العسكرية أو حتى المدنية هي كذلك(بالضرورة) رحلة مؤقتة وفترة في حياة شاغليها قد لا تستوعب(ثلث العمر) بالمعدل الافتراضي لعمر المسلم الذي يتراوح بين الستين والسبعين كما أعلمنا بذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم . أقول هذا لكل إخواني الذين سيخلعون(البزة العسكرية)طوعاً أو كرهاً وأعلم أنه أمر شديد القسوة على من اعتادوا حياة الضبط والربط وقد وجدوا أنفسهم فجأة ملكية.. أنا قلت فجأة !!؟.. هي لا مفاجأة ولا حاجة. لكن النفس التي جُبلت على الطمع كانت تطمع في المزيد من الاستمرار بذات الوضع الذي اعتادت عليه.. وأعلم كذلك أن بعض صغار النفوس في (السوق) ينتظرون كشف المعاشات ليتابعوا المعاشيين وقد قبضوا شقاء عمرهم لينصبوا حولهم شباكهم ويغرونهم بالربح السريع فيطير حصاد السنين في غمضة عين.. ويدوخ الجنرالات السبع دوخات وقد يقعون تحت طائلة (المادة 179) فيدخلوا تحت بند(يبقى لحين السداد)ويتلمظ السماسرة ميِّتي الضمائر وهم يرون(الطير الخُداري) وراء القضبان.. والطير الخُداري مصطلح يطلقه السماسرة على الضباط المعاشيين حماهم الله من أولاد الحرام. * كنت قد كتبت قبل عدة سنوات(عموداً) بعنوان وين يا سعادتك؟ تمنيت فيه على الدولة أن تجتهد في الاستفادة من خبرات وقدرات المعاشيين خاصة كبار الضباط وتستوعبهم في ما يفيد بلادنا ويفيدهم فمن غير المقبول أن نترك جنرالاً كامل الأهلية أمضى حقبة مقدرة في خدمة المؤسسة العسكرية ونال خلالها فرصاً طيبة في التأهيل والعلوم الإنسانية.. ثمَّ لمجرد إحالته للتقاعد نتركه بلا محاولة للإفادة من قدراته في أي مجال آخر وهناك العديد من الدول التي تحتفي بعساكرها في ما بعد المعاش وتضمن له رزقاً كريماً كذلك. * كان العقيد الركن عبد الرحمن عبد الرازق المبارك ضابط الاستخبارات الدفعة (24) وشهرته في الجيش (جنى فيل) وهو نجل الدكتور عبد الرازق المبارك ثالث(أول) ثلاثة دكاترة في بلادنا.. د . حليم ود مبارك الفاضل شداد ود عبدالرازق المبارك.. وكان منزلهم جوار مسجد القيادة مكان إدارة التوجيه المعنوي حالياً قد نقل من شندي التي قضى بها عاماً واحداً إلى القيادة العامة فعلق أحد زملائه بالقول.. (أول مرة أشوف لي ضابط ينقلوه بيتهم) وأخونا العقيد الأمين العاقب دائماً ما يكرر القول بأن(عبد الرحمن) نقلوه من الخرطوم إلى الخرطوم بحري ولم ينفّذ النقل وقال عفشي بيتكسر .. وهذا هو المفروض