الهجرة إلى دول الخليج وأثرها على التنمية الاقتصادية في السودان في الفترة من 1995-2007 الهجرة ظاهرة قديمة قدم الإنسان فالانسان بعد أن عرف الزراعة بدأ يعتمد في غذائه على ما يخرجه من التربة، ولكن حرفة الزراعة اصبحت غير مجديه بالنسبة له، فحاول ان يبحث عن مهنة اخرى تحقق له طموحة واشباع رغبته من الحاجات التي يريدها، وبدأ في غزو الاراضي الاخرى في شكل مجموعة صغيرة في باديء الامر، ولكنه لم ينتشر في كل بقاع الارض بدرجة واحدة بل انه كان عندما يجد نفسه وسط رزق وفير وخير كثير يستقر ويتكاثر عدده من جديد، ثم تبدأ تنقلاته من جديد الى ارض اخرى عندما تضيق حياته للمرة الثانية. فقد حدثنا القرآن الكريم عن طائفة، فهناك هجرة نوح عليه السلام، وايضاً هجرة قوم موسى الذين لم يصبروا على طعام واحد فهبطوا مصراً، وايضاً قصة سيدنا يوسف عليه السلام الى مصر، هكذا بدأت الهجرة الاولية بدائية ثم تطورت بتطور الانسان حتى اخذت الشكل الحديث. والهجرةذات مفهوم واسع تجمع في طياتها المعني الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وهذه المفاهيم لاتخرج عن المصطلح اللغوي حيث جاءت كلمة هجرة بوجه عام في اللغة العربية من الهجر ضد الوصل، ومنها التهاجر يعني التقاطع ومنها الهجر والهجران أي القطع، والصفة مهاجر والمهاجر كل خارج من بلاده من بدوي او حضري وسكن بلداً اخر والجمع مهاجرين، واصل المهاجر عند العرب خروج البدوي من باديته الى المدن. ومن التعريفات الاقتصادية للهجرة انها انتقال افراد من الناس من بلد الى اخر للبحث عن الكسب والعيش، او البحث عن اعمال يدوية او خدمات عقلية يؤدونها وان يعيشوا فيه مدة تكفي ان يتداخلوا مع اهله. لم يشتهر السودانيون بحب الهجرة الى الخارج بصفة مستديمة كما يحدث في كثير من البلاد، ولكن لم يكن سفر السودانيين لطلب العلم خارج بلادهم امراً غير مألوف، وسيكون حديثي عن الهجرة الخارجية إلى دول الخليج ولكن هجرة السودانيين للعمل في الخارج نشطت في سبعينيات القرن الماضي وما زالت مستمرة، واتجهت معظمها لدول الخليج وذلك لانتعاش الحالة الاقتصادية في تلك الدول، في حين ان عوامل عديدة كانت طاردة للسودانيين في الداخل. وفي مقدمتها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تواجه عدداً من القوى العاملة النشطة اقتصادياً، فان عوامل جاذبة عديدة ظهرت في دول الخليج منها توافر فرص العمل وارتفاع الدخول النسبية التي تساعد على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغترب واسرته في السودان. حددت بعض البحوث التي اجريت حول ظاهرة الهجرة ان العدد الكلي للمهاجرين يتراوح بين 350 الى 500 الف نسمة.وخلال المؤتمر التداولي الاول للعاملين بالخارج الذي عقد عام 1980 فقد قدر ان عدد السودانيين العاملين بالمملكة العربية السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة يبلغ 263.500 نسمة، وان العاملين في السعودية وحدها يبلغ حوالي ربع مليون فرد، وفي احصائية مصلحة العمل السودانية التي يذهب عن طريقها رسمياً 70% من العاملين في السعودية. مما لا شك فيه ان المهاجرين لهم دور كبير في التنمية الاقتصادية في السودان، والمساهمة الوطنية تمثل واجباً وطنياً يعكس مدى ارتباط ومشاركة الاخوة السودانيين العاملين بالخارج بهموم اهلهم بالداخل، واسهامهم في عمليات البناء والتنمية، بدءاً بتطبيق ضرائب المغتربين مستنداً إلى قانون ضريبة الدخل بنسبة 10% من الدخل الإجمالي راتب العام، الا انه عدل لاحقاً لفئات ثابتة معتمدة على المهنة مما ادى الى توصية لجنة الاصلاح الضريببي لعام 1983، بأن يصدر قانون ضريبة السودانيين العاملين بالخارج منفرداً باعتبار أن وعاء الضريبة المهنة وليس الدخل، مما استوجب اصدار قانون المساهمة الوطنية كضريبة نمطية لتسهيل الاجراءات والفهم المغترب، ولصعوبة تحديد الراتب الشهري بدول المهجر، أقر مؤتمر المغتربين تحصيل المساهمة من المغتربين لدعم مجهودات الدولة الرامية لتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بمعنى ان تكون القيمة المدفوعة رمزاً للارتباط بالوطن ومساهمة في عملية التنمية.. * رسالة ماجستير