حول ما أثير مؤخراً في الصحف ومجالس الخرطوم المختلفة عن ظاهرة الكلاب المتوحشة والتي وصفها البعض بأنها ذئاب وضباع وغيرها من الحكايات التي وردت فيها، التقت «آخر لحظة» سعادة اللواء شرطة «محمد السراج» مدير الدائرة الفنية بإدارة الحياة البرية ورئيس لجنة إبادة الكلاب الضالة ، وأوضح سعادة اللواء الحقائق كاملة حول هذه الظاهرة بعد الدراسة لها.. كما تطرق بالحديث إلى العديد من المواضيع الأخرى منها حلم إنشاء «حديقة الحيوان» والمشاكل التي تواجه محمية الدندر والحيوانات البرية في جنوب السودان.. والكثير غير ذلك.. فإلى حديث سعادة اللواء شرطة محمد السراج.. ملامح من السيرة الذاتية؟ لواء شرطة محمد السراج فضل الله.. خريج كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، التحقت بقوات الحياة البرية عام 1983م، عملت بعدد من المواقع منها مدير إدارة الاستثمار برئاسة الإدارة ومدير الدائرة الفنية ومن ثم مدير شرطة الحياة البرية بولاية الخرطوم، والآن مدير الدائرة الفنية بولاية الخرطوم، حاصل على ماجستير من كلية الإنتاج الحيواني بجامعة الخرطوم، وشاركت في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية،وعضو بالجمعية السودانية للحياة البرية وايضاً عضو باللجنة الوطنية للانسان والمحيط الحيوي باليونسكو. حدثنا عن البدايات التي نسجت حولها حكايات وشائعات عن الكلاب؟ -الحقيقة هي وجود أعداد كبيرة جداً من الكلاب الضالة فوق طاقة احتمال بيئة ولاية الخرطوم ولا تُوفر لها أي رعاية لذلك تنشد الغذاء في النفايات ، وفي حالات البرد القارس تلجأ لافتراس بعض الحيوانات الأليفة وبالأخص الأغنام.. وحقيقة هنالك حيوانات وحشية داخل ولاية الخرطوم ولكن ليس من بينها الضباع والذئاب على الإطلاق إلا داخل أقفاص الحدائق. مقاطعاً.. ولكن يا سعادة اللواء يقال إن هذه الكلاب المتوحشة قادمة من خارج ولاية الخرطوم؟ -بيئة ولاية الخرطوم غير جاذبة نهائياً لمثل هذه الحيوانات وذلك لكثافة السكان والضوضاء والإنارة و العمران .. وما يقال عن أحجامها الضخمة فيه الكثير من التهويل وهي كلاب عادية جداً سواء كانت محلية أو مستوردة وتأكدنا من ذلك بعد الفحص المعملي عليها. المغالطات والمفارقات العلمية التي انتشرت عن هذه الكلاب في الأخبار التي تداولتها بعض الصحف؟ - بصراحة الصحف هزمت كل قواعد علوم علم الحيوان والبيطرة والبيئة تماماً ،واستخدموا مصطلحات فيها الكثير من التشويه بتناولها لموضوع الكلاب بدون معرفة أبجديات المعارف، وتحدثوا عن معلوماتهم كأنها حقائق ويصرون عليها رغم تصحيحنا لها.. وأخيراً اتجهوا لأخبار «الحلوف» وهو حيوان «عشبي» ووصفته بعض الصحف بأنه حيوان مفترس، وهذا يوضح حجم التهويل. ما هي حكاية «حدائق الحيوان» التي مازالت أحلاماً لم تتحقق حتى الآن؟.. وهل هنالك دراسة وضعت لإعادتها من جديد.؟ الدراسة وضعت منذ العام 1975م من قبل الجمعية الملكية البريطانية للحياة البرية وأوصت بتحويل موقع الحديقة القديم لأن مساحته صغيرة ولايتماشى مع مفهوم الحدائق الحديثة، ولكن مشكلة التمويل حالت دون تنفيذ المشروع.. ومازلنا منذ تلك الفترة وحتى الآن نقدم دراسة سنوية لتمويل هذا المشروع ولكن الدولة ترى بأن هنالك أولويات أخرى، هذا بالإضافة إلى مشكلة الأرض التي تقام عليها الحديقة فلا توجد مساحات تناسب احتياجات الحديقة إلا في مناطق بعيدة مما يؤثر على مردودها الاقتصادي.. ولكن الآن تم وضع تنفيذها في ميزانية ولاية الخرطوم للعام «2010» ماهي المواصفات الموضوعة لحديقة الحيوان الجديدة؟ -أولاً يجب أن تتمثل فيها كل البيئات الطبيعية الموجودة في السودان من حيوانات ونباتات برية، وتحافظ هذه الحديقة على الموارد الوراثية الوطنية لأن الكثير منها مهدد بالانقراض، هذا بخلاف دورها الترفيهي والسياحي، بجانب استجلاب حيوانات من الخارج حتى يعرف المواطن السوداني كل أنواع الحيوانات الموجودة في العالم. وأيضاً تمثل مسرحاً تعليمياً للطلاب ومعملاً تجريبياً للباحثين وتمثل بذلك إشعاعاً للوعي البيئي، لأن الوعي المجتمعي والفردي ضعيف جداً بأهمية الحياة البرية ولا يدرك خطورتها وتأثيرها في عملية التوازن البيئي وانتاجها الثقافي. هل هنالك من لديهم تصديق من قبل إدارة الحياة البرية بتربية بعض الحيوانات بقصد تربية الهواية مثل «الأسود والنمور والغزلان» وغيرها.. وما هي شروط التصديقات في مثل هذه الحالات؟ -القانون لا يمنع تربية الأسود والنمور وغيرها من الحيوانات، ولكن يتم ذلك بعد الحصول عليها بالصورة الصحيحة وفق القانون والمحافظة عليها بالصورة الصحيحة، ونتأكد من إيوائها بالصورة الصحيحة بحيث لا تعرض الإنسان للخطر، بجانب عدم التصرف في هذه الحيوانات بالبيع وغيره دون علم الإدارة العامة للحياة البرية.. وتقوم الإدارة بمراجعة دورية من وقت لآخر لهذه الحيوانات. هل مازالت بعض مناطق السودان الجنوب تحديداً يوجد بها «الأفيال- وحيد القرن» وغيرها؟ بعض الخبراء أكدوا على أن فترة الحرب بين الشمال والجنوب أفادت هذه الحيوانات وذلك لعدم وجود الزراعة والرعي والإتجار في الأخشاب وغيرها فوجدت بذلك هذه الحيوانات بيئة مناسبة لتكاثرها ونموئها، والآن بعد المسح الذي تم في العام «2007» للحيوانات البرية الموجودة في جنوب السودان اتضح أن أعدادها في أزدياد مضطرد وذلك يرجع لتدهور بيئتها الطبيعية من قطع الأشجار وغيرها ومشكلة التهريب والصيد، ويجب بذل الجهود للمحافظة عليها وتوفير حماية متكاملة لأن أي تقصير بها يضر بالحياة البرية في الشمال والجنوب. محمية الدندر بها مجموعة نادرة جداً من الحيوانات ولكن إدارة الحياة البرية لم تستطع تفعيلها من ناحية سياحية؟ -أولاً محمية الدندر مشكلتها خارج المحمية فكل الأراضي خارجها كانت عبارة عن مراع وغابات تمت إزالتها تماماً ولم يجد الرعاة ملجأ لمراعي طبيعية إلا داخل المحمية وهذه مشكلة كبيرة تؤثر في السياحة. وضعف عائد السياحة للمحمية ليس بسبب إدارة الحياة البرية وإنما لضعف البنيات التحتية للسياحة في السودان فالوصول إلى محمية الدندر من الخرطوم يستغرق «10» ساعات والسياح لا يتحملون هذه المصاعب ويحتاجون لتوفير الخدمات لهم والإدارة ليست الجهة الملزمة بذلك. فدور إدارة الحياة البرية يقتصر في حماية المحمية والمحافظة عليها .. وبصراحة شديدة فمحمية الدندر بحاجة للعديد من المعالجات بدون أي تعقيدات وجبايات تؤثر على عملية السياحة، ولابد من توفير البنيات التحتية ورفع مقدرات شركات السياحة الخاصة. النظرة المستقبلية لمحمية الدندر؟ -محمية الدندر مصنفة من قبل البنك الدولي من أهم «10» محميات في العالم وبها الكثير من أنواع الحيوانات كما أنها مستودع لكثير من النباتات التي انقرضت في الأماكن الأخرى، ونخطط لإنقاذ المحمية من المهددات الخارجية من رعي وزراعة وغيرها.