ما ان افتح أي صحيفة في الأيام الفائتة حتى يطالعني إعلان «مدفوع القيمة» لتدشين الحملة الانتخابية لعدد من مرشحي المؤتمر الوطني لمنصب الوالي في عدد من الولايات.. ولا الزمن ولا المسافة يتيحان لي المشاركة شخصياً في تلك المناسبات التي تهمني جميعها.. الفريق الهادي عبد الله المرشح لمنصب والي نهر النيل.. والبروفسير الزبير بشير المرشح لمنصب والي الجزيرة.. والفريق صلاح عبد الله قوش المرشح للدائرة «5» مروي.. والأستاذ محمد طاهر إيلا المرشح لمنصب والي البحر الأحمر وغيرهم.. لكن الظروف التي حرمتني من المشاركة في هذه المناسبات المتزامنة قَرَّبت إلى ذهني «فكرة الاستنساخ» لأن هؤلاء الرجال كالنجوم وهم كذلك كالحلقة المفرغة لا يدُرى أين طرفاها.. أنا أجد نفسي وإرتباطاتي في ولاية نهر النيل بضفتيها.. مدنها وقراها رجالها وشبابها ونسائها.. فواجبي إذن مساندة مرشح المؤتمر الوطني الفريق الهادي عبد الله ابن الولاية البسيط المتواضع الذي يفرع كل جهة لخدمة إنسان الولاية.. وتربطني بالبحر الأحمر أواصر وروابط تحتم عليّ أن أشارك في دعم ترشيح الأستاذ محمد طاهر إيلا الذي صارع المستحيل فأحال بورتسودان إلى عروس للبحر الأحمر حلاوة وطلاوة وأناقة وحداثة وجمال. أما الجزيرة وواليها الشيخ البروفسير الزبير بشير فمكانهما سويداء الفؤاد مثلما تحتل ود مدني مكان القلب من جسد السودان الواحد. لكن مسقط رأسي ومرتع صباي هو الولاية الشمالية ووطني الصغير هو مروي ومرشحي الأثير هو الفريق أول المهندس صلاح عبد الله «قوش».. وقد كنت في «مرحلة الطلب» عندما عملت لصالح مرشح الدائرة الشيخ المرحوم محمد محمد صادق الكاروري وكانت مطالب المواطنين بسيطة مثل بنطون نوري.. وان تبيت الباخرة في نوري بدلاً عن مروي.. فقد كان قطار كريمة الخرطوم كريمة يصل يومي الأثنين والخميس إلى كريمة ويغادرها يومي الأحد والأربعاء وعند أهل الشمال «سبر» من هذين اليومين ولعل تشاؤمهم قد صدق فمعظم إن لم نقل كل الذين غادروا الشمالية بالقطر لم يعودوا للبلد وأكتفوا بالغناء الحنين ونغمات الطمبور والركاب يواصلون سفرهم من كريمة إلى دنقلا بالباخرة وتبدأ الرحلة من كريمة مساء وتقضي الباخرة ليلتها في مروي على بعد عشرة كيلومترات ثم تنطلق فجراً لتقضي ليلة أخرى في أمنتجو قبل ان تصل دنقلا في اليوم الثالث.. واليوم تنطلق السيارات لتصل إلى أي نقطة في بلادنا شمالاً وشرقاً وغرباً في بضع سويعات.. ويستطيع صلاح قوش أن يتحدث بالأرقام عن ما أنجزته الانقاذ وكأن معها جنود سليمان من الإنس والجن فهم لا يوزعون ويحق لصلاح قوش أن «يقدل فائق» فوق عز الانقاذ التي أنصفت أهل الشمال «الحزانى» كما كان يقول الراحل نميري.. وأرتاحوا حتى خفَّت كلاماتهم وأشعارهم وطنابيرهم وأصبحت تحدث عن شجو وشدو جميل.. المهندس كمال علي فضل وهو من أسرة فنانة كتب كلمات أغنية لابن أخيه الفنان الشاب محمد النصري تقول الأغنية: الشوق للبلد.. في الليل الهجد.. من دون الأنام مني النوم شرد.. يا واحد أحد.. أحفظ للبلد وتركوا الغناء عن يا حليله بلا عدد قالوا شالها قطار الأحد أو مثل ود الدابي مالك ساكت ما شفت «الجلا» السوَّاها الجلاء اسم باخرة وتوأمها الباخرة «كربكان» * بعد أن افتتح السيد الرئيس كبري مروي إلى جانب منشآت أخرى تحدثت إحدى الأمهات من مروي إلى ابنها في الخرطوم «بالموبايل» وقالت له «أنا كان قلت لك أنا في دبي بتصدقني؟؟.. وواصلت أنا واقفة في نص الكبري والكهرباء مولعة وشوارع الزلط والمستشفى الجديد والمطار والسد.. ما مفضل لينا من ناس الخرطوم إلا يجونا الحرامية ناطِّين الحيطة».. وهذا هو المفروض