اعتبر دستور السودان الانتقالي للعام 2005م في المادة (23) الخاصة بواجبات المواطن أن المشاركة في الانتخابات العامة أحد أبرز هذه الواجبات وأميزها كما اشتملت وثيقة الحقوق في الباب الثاني عشر على كثير من الحقوق المرتبطة بالممارسة الانتخابية والنهج الديمقراطي لحرية التعبير وحق إنشاء التنظيمات السياسية وحق الاقتراع وحرية الصحافة. ونص الدستور الذي هو نتاج لاتفاقية السلام الشامل على إنشاء المفوضية القومية للانتخابات التي تتكون من أعضاء تتوفر فيهم الاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء العرقي كما نصت الاتفاقية والدستور على قيام الانتخابات العامة في العام الرابع من الفترة الانتقالية. ويبدو أن الخطوات التي سارت على خطى الدستور والقوانين قد وجدت طريقها للتنفيذ استعداداً لإجراء الانتخابات في أبريل المقبل ابتداءً من التعداد السكاني الذي اكتملت مراحله بمهنية عالية وشفافية ووضوح بشهادة (34) مراقباً دولياً من أفريقيا وأوربا وآسيا وأمريكا وبموجب التعداد فإن الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات القادمة (20) مليون نسمة. وتأسيساً على ذلك أجازت مفوضية الانتخابات في يوليو الماضي الدوائر الجغرافية ومقاعد الأحزاب السياسية ومقاعد المرأة في كل ولاية ثم فتحت الباب للطعون وقامت بتسجيل الناخبين واعتماد المرشحين للانتخابات بصورة منهجية وبعيدة عن أي شبهة انحياز للتدليل على ذلك فإن المفوضية قامت باعتماد مرشحين إضافيين لرئاسة الجمهورية بعد أن قبل القضاء الطعون المقدمة من المرشحين تجاه قرار المفوضية. ومع بدء مرحلة الدعاية الانتخابية للمرشحين الذين دفعت بهم القوى السياسية على كافة المستويات ابتداءً من رئاسة الجمهورية فإن هناك مؤشرات على أن هذه الانتخابات ستمضي بشفافية ونزاهة حتى مرحلة إعلان النتائج فقد أعربت الأممالمتحدة في السابع من فبراير عن تفاؤلها بتنظيم انتخابات تحظى برضا الشعب وقبول المجتمع الدولي وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السابق أشرف قاضي إنه يعتقد أن المفوضية تبذل جهوداً مقدرة بعد أن حققت نجاحات ملحوظة في المراحل السابقة في العملية الانتخابية وهي معنية بتنظيم انتخابات حرة وعادلة ونزيهة. أما سكوت غرايشن المبعوث الأمريكي للسلام في السودان فقد عبر عن رضاه لمسيرة العملية الانتخابية ووعد لدى لقائه مولانا أبيل ألير رئيس المفوضية بتقديم كل الدعم اللازم كما قام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بزيارة المفوضية ووقف على الترتيبات والاستعدادات الخاصة بالعملية الانتخابية بالبلاد. ومع تكرار الحديث من بعض القوى الداخلية المعارضة والخارجية عن ضمانات النزاهة إلا أن الخطوات التي تمت تؤكد أن مراحل العملية الانتخابية تمضي كما هو مطلوب وهو ما جعل المراقبون يعبرون عن رضاهم لما تم ونجد أن قانون الانتخابات نص على أحقية الدول والمنظمات التي شاركت في تحقيق السلام في مراقبة الانتخابات فإلى جانب الرقابة الرسمية التي يقوم بها القضاء المحايد في ضبط العملية الانتخابية والأجهزة الأمنية التي تكفل الأداء الانتخابي بطمأنينة دون تأثير، فهناك الرقابة الشعبية التي يكفلها مبدأ السرية في الانتخابات. وهناك مهمة الإشراف ستكون بمراقبة منظمات إقليمية ودولية وقد يكون الإشراف طويل المدى بحيث يبدأ قبل الاقتراع ويكون بعقد لقاءات مع القوى السياسية المشاركة في الأحزاب والمفوضية واتصالات مع وسائل الإعلام وهناك الإشراف قصير المدى والذي يصاحب الفترة الأخيرة للانتخابات بما في ذلك عدد الأصوات في كل مركز ورصد النتائج وإعلانها ومتابعة الشكاوي المقدمة. ومن ذلك كله يتضح أن العملية الانتخابية ملتزمة بالضوابط والمعايير التي تضمن نزاهتها وعدم وجود أي مجال للتزوير أو التلاعب بنتائجها وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تحديد الأوزان الحقيقية للقوى السياسية الموجودة وهو الهدف من إجراء هذه الانتخابات. ويبقى جانب مهم وهو التزام الحكومة بالجوانب الموكلة إليها في ضرورة إقامة انتخابات غير مسبوقة بالصورة التي يتطلع إليها السودانيون إذ أن الانتخابات ستكون عتبة أولى لتحقيق التداول السلمي للسلطة تمهيداً لخطوات لاحقة تتعلق بإكمال مستحقات اتفاقية السلام وتحقيق الاستقرار السياسي.