مقدمة.. في كلمات خالدة مضيئة.. لا أبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر.. ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم.. ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول.. ولا أفزع إن هاجمني من يفزع لما أقول.. وإنما يؤرقني أشد الأرق أن لا تصل هذه الرسالة إلى ما قصدت.. فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح.. وأنصار المبدأ لا محترفي المزايدة.. وقصاد الحق لا طالبي السلطان.. وأنصار الحكمة لا محبي الحكم.. «انتهت المقدمة» وأقول أولاً.. إني لا أملك سلاحاً غير قلمي .. أفزع.. لو رأيت دم «حمامة» مسفوحاً.. وتخيفني.. حد الرعب.. أصوات الطلقات والقنابل.. لا أخشى على شيء في هذه الدنيا مثل خوفي وإشفاقي.. على السودان.. أتمناه أبداً سليماً مسالماً.. مزدهراً.. آمناً.. مطمئناً.. وإسهامي ومساهمتي في كل هذا.. هو فقط قلمي.. ومساحتي.. التي.. تتصدرها.. شمسي.. أتمناها.. على الدوام.. تمرق.. مندفعة.. من المشارق. وإذا لم أكتب بأكثر الحروف جرأة.. وصدقاً.. وبلاغة.. ونصاعة في هذا الأوان.. أوان الانتخابات.. إذن متى أكتب.. وإن لم أجهر برأيي.. هذه الأيام متى أفصح.. نعم قد تكون كلماتي.. حارقة وصادمة.. تتسربل بالجرأة.. وأحياناً تتمنطق بالبسالة والجسارة.. بل الرجالة.. نعم قد تكون كذلك.. ولكنها.. تعبر عني.. في يقين وثقة وثبات.. أنا سعيد حد الطرب.. بل تكاد رياح النشوة تطير بي بعيداً.. بعيداً في المجرات البعيدة.. والسودان.. على موعد مع.. ميلاد الديمقراطية.. الرحيبة.. نشوانٌ أنا.. والملصقات تملأ الأركان.. والطرقات والحيطان.. نشوانٌ أنا.. وكل يوم.. تدشين.. وكل يوم افتراع.. حملة انتخابية.. ولكني حزين حد الوجع... لظلال شائهة.. تسير معنا في نفس الطريق.. طريق أعياد الانتخابات.. ونبدأ.. بالوجع.. وجعاً وجعاً.. غصةً.. غصةً.. وعبرةً.. عبرةً.. أولها.. ترشيح.. الدكتورة فاطمة عبد المحمود.. وهي تحث الخطى بل.. تستعجل الأيام.. ركضاً نحو القصر الجمهوري.. وعيونها معلقة بذاك الكرسي الفخيم الخطير.. الوثير.. وقبل أن نقول حرفاً واحداً... دعوني.. أسألها.. وهي قطعاً لن تجيب.. ولن «تعير» كلماتي هذه نظرة .. أو حتى التفاتة.. أولاً.. هل تنوين التقدم.. بنفس برنامج.. الاتحاد الاشتراكي ذاك المدحور في رجب.. هل ستكررين التجربة.. بنفس الأخطاء.. بنفس الخطايا.. أم أنت تتمردين على كل أدبيات.. ومواثيق الاتحاد الاشتراكي... وهل.. تنوين حال فوزك.. المستحيل.. إعادة مايو من المقابر... تنفخين فيها الروح.. لتعود مرة أخرى.. ثورة.. خالدة مظفرة منتصرة.. ثم ماذا أنت فاعلة بنا نحن الذين أطحنا بمايو في أبريل الأغر.. هل ستعاقبين الشعب السوداني قاطبة.. وللتصحيح.. ليس كل الشعب السوداني.. فقد كان هناك من حاول الدفاع عن مايو.. يوم موكب الردع.. وهم لا يتعدون المائة وخمسين من المواطنين الثوار الأحرار.. أم تتغشاك.. روح العفو.. والحلم والصفح.. وترددين... عبر الإذاعة والتلفزيون.. اذهبوا فأنتم الطلقاء.. فخامة الدكتورة.. والله أنا أشد حيرة.. من ضرير المعرة.. ذاك الذي تاهت منه الكلمات.. وهربت الحروف... فطفق يردد في دهشة.. ماذا أقول.. والوحش ترميني بأعينها والطير يعجب مني كيف لم أطر.. أنا والله.. لا أدري والحال هكذا.. أن يترشح.. أكبر أقطاب مايو.. ودم مايو لم يجف بعد.. وصيحات ثوار أبريل مازال يتردد صداها.. في الفضاء.. لست أدري أنا في كامل الصحو.. والانتباه.. أم أني أحلم في كوابيس مفزعة أم هي.. حالة لم يشهدها العالم.. منذ بدء الخليقة.. أن يتحدى شخص.. واحد.. أمة بحالها... أن يشطب مواطن واحد تاريخ.. وطن بكامله.. صبرني الله.. وغداً .. أواصل.. في بكاء.. من نوع آخر..